عدنان المفتي لرووداو: والدي صافح أستاذة فرنسية مفضلاً نقض وضوئه على كسر خاطر الضيفة

16-07-2024
معد فياض
الكلمات الدالة عدنان المفتي
A+ A-
 
رووداو ديجيتال

لم يكن من السهل اقناع السياسي الكوردي عدنان المفتي بإجراء حوارات امام الكاميرات تتناول مراحل حياته السياسية، والتي هي بلا شك تتحدث عن جوانب من حياته الشخصية، وان تاريخه النضالي من اجل القضية الكوردية ليس ملكاً شخصياً بل هي ملك تاريخ الحركة الكوردية وبالتالي فهي تهم تاريخ كوردستان خاصة والعراق عامة.
 
رفضه المتكرر ومنذ سنوات لم يكن تكبراً بقدر ما هو يتعلق بزهده وبعدم حب ظهوره في الاعلام وان هذه اللقاءات والاحاديث لا تتناسب مع حياته الهادئة واسلوب شخصيته، ومن يعرف المفتي عن قرب يدرك كم هو متناغم مع ذاته، فهو رجل يشبه نفسه تماماً فيما يؤمن به من مبادئ، وجزء من اسباب رفضه، حسب ايضاحه، انه لا يريد ان يظهر كبطل على حساب الآخرين او ان يتحدث عن ايجابياته فحسب، لهذا حرص كثيرا على ذكر اسماء وانجازات وتضحيات الآخرين، ولم يقل انا قمت بكذا وانا فعلت كذا وانا ضحيت بكذا، بل قدم اسماء الاخرين على اسمه وانجازاتهم على ما قدمه هو من انجازات للقضية الكوردية.
 
عدنان المفتي، ابن قلعة اربيل، ونجل رجل الدين وخطيب مسجد القلعة، رشاد المفتي، الذي عُرف بانفتاحه على جميع القوميات والاديان حيث كان باب بيته مفتوحاً امامهم للحديث معهم ومناقشتهم واسهامه بحل مشاكلهم ان وجدت، وفي حادثة تؤكد عدم تشدده وروحه المتسامحة يقول المفتي: "ذات مرة زارنا وفد غربي وكان يوم جمعة، ووالدي كان في غرفته والضيوف في صالة الاستقبال حيث توضأ وتهيأ للذهاب الى الجامع".
 
وأضاف أنه "وقبل خروجه من البيت جاء ليحيي الضيوف وكانت بينهم استاذة من جامعة السوربون الفرنسية (جويس بلو) فصافحها وهي ردت عليه بحرارة فهمس اخي كنعان باذنه وقال له (بابا انت صافحت المرأة ووضوئك راح) فرد عليه والدي قائلا (ابني وضوئي يروح احسن من ان نكسر خاطر الضيفة. الوضوء ممكن تجديده)".
 
منذ بواكير عمره ودراسته في المتوسطة انتمى عدنان المفتي وبتأثير من عمه المناضل شمس الدين المفتي رفيق الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني والمقرب منه، للحزب الديمقراطي الكوردستاني، وعندما تعرقلت عجلة الثورة الكوردية بسبب اتفاقية الجزائر بين صدام حسين وشاه ايران عام 1975، وانطلاقتها ثانية، كان قد انضم للاتحاد الوطني الكوردستاني بزعامة جلال طالباني، وحين اختلف فكريا مع الاتحاد ساهم بتأسيس الحزب الاشتراكي مع السياسي الكوردي المعروف محمود عثمان قبل ان يعود لصفوف الاتحاد الوطني دون ان يضحي بعلاقاته مع رفاقه في الديمقراطي الكوردستاني او الحزب الاشتراكي الكوردستاني، فهو كان في اي موقع سمح له للنضال من خلاله من اجل القضية الكوردية.
 
كل هذا وذاك شجعه لإجراء هذه الحوارات والتي قسمناها ضمن ملفات، حسب ما اتفقنا عليه، اطلقنا عليها "ملفات عدنان المفتي"، ضغطنا خلالها بقوة على ذاكرته لاستخلاص ما استطعنا الحصول عليه من قصص وحوادث تهم تاريخ القضية الكوردية اكثر مما تهم تاريخه الشخصي، فالمناضل الثوري تتماهى حياته الشخصية بتاريخ قضيته التي ناضل ويناضل من اجلها. من الجدير ان نذكر مساهمة شقيقه الباحث الآثاري المعروف كنعان المفتي في اقناعه لإجراء هذه الاحاديث والتي ستكون محفزاً للمفتي لكتابة مذكراته مفصلة في كتاب نتمنى ان يصدر قريباً.
 
في الحلقة الاخيرة (28) من برنامجنا الحواري "ملفات عدنان المفتي" والذي قدم عبر رووداو عربية حصرياً، حاولنا ان نخصص جل الحوار عن جانب من الحياة الشخصية للمفتي الذي شكر شبكة رووداو لفتح هذه الملفات، حث قال: "شكرا لكم ولرووداو. انت اقنعتني بفتح هذه الملفات من اجل كتابة مذكراتي ولو انا كاتب الكثير من هذه الاحداث بالتفصيل لكن توثيقها بهذه الطريقة يشجعني على انجاز الكتاب وبسرعة، ان استعجل الكتابة، واستعادة احداث كثيرة من خلال الكلام ربما كنت ناسيها، وهذا يساعدني كثيرا لانجاز الكتاب وان يظهر متميزا وليس مثل بعض الكتب التي يتحدث فيها كتابها عما يعتقدوه انها جوانب ايجابية فقط، لكني اريد ان اتحدث في الكتاب الذي أتمنى ان انجزه ومثلما تحدثنا في هذه الحلقات ليس فقط عن الجوانب الايجابية بل عن الجوانب التي اخفقت بها ايضا وعن المراحل التي عشتها وعن الاخرين الذين رافقوني في المسيرة النضالية وليس فقط ان اقول انا وانا. لهذا شكرا لكم".
 
ابلغناه شكر رووداو: لتفرغكم واستقبالكم لفريقها في بيتك فانت سياسي كوردي مناضل ومؤثر في سبيل القضية الكوردية لاسيما وانكم حصلتم على لقب شخصية سياسية نزيهة من قبل منظمات المجتمع المدني وليس من قبل حزب معين او الحكومة، وهذه مسالة غير سهلة في هذا الزمن. نتساءل هل ابتعادك راهنا عن العمل السياسي زهد ام الشعور بخيبة امل، لماذا لا يؤسس المفتي حزب سياسي مستفيدا من خبرته السياسية الطويلة، او لماذا لا يرشح للبرلمان سواء العراقي او الكوردستاني؟، اجاب قائلا: "اولاً انا كنت من مؤسسي حزب سياسي (الحزب الاشتراكي الكوردستاني)، ووقتذاك كنت مؤمناً انه لا بد من ان يكون هناك حزب سياسي ثالث، اضافة للاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني، وان يلعب هذا الحزب دوراً مؤثراً في احداث التوازن المطلوب في اقليم كوردستان، لكن هذا الحزب فشل في الانتخابات. وهذا الفشل كانت له دلالات".
 
هل هذا يعني ان المواطن الكوردي في غالبيته اما ان يكون مع البارتي او اليكتي؟، يجيب: "هذا هو الواقع وتحصيل حاصل. الشعب قرر هكذا. الحزب الاشتراكي كان حزبا قويا وساهم بالنضال من اجل القضية الكوردية بشكل لا يقل عن الاخرين ولكن عند الانتخابات كان التنافس قوياً والناس صوتت للحزبين، البارتي واليكتي، وهكذا خسرنا في الانتخابات. أما اختياري من قبل المنظمات المدنية كرجل النزاهة، مع تقديري وشكري لكنه ليس فضلا انا متفضل به على للاخرين، ان اكون نزيها هو صلب الواجب وهو امر طبيعي ينبغي ان يتوفر عند كل من يتحمل المسؤولية، بالنسبة لي اضافة إلى الواجب ربما هو طبع لأن الكثير من الاصدقاء يناقشوني ويذكرون بعض الاحداث التي تتعلق بهذا الموضوع".
 
واضاف المفتي: "تذكرت خلال هذه النقاشات عندما كنت في الصف الثاني المتوسط كانت هناك فسحة (فرصة) لربع ساعة بين الدروس، وكان هناك حانوت مدرسي يبيعون فيه بقلاوة يشرف عليه احد الطلبة (مراقب)، واحد المدرسين المشرف على هذا الحانوت يحسب عدد قطع البقلاوة قبل بيعها، وغالباً ما يظهر هناك نقص، 20 او 30 فلساً في مبيعات البقلاوة، وعندما جاء دوري كمراقب او بائع في الحانوت فكرت بأنه يجب ان لا يكون هناك نقص ولا فلس في المبيعات، فوضعت مقدما من جيبي مبلغ 150 فلساً في صندوق البيع كي لا يحدث اي نقص، وبعض الطلبة لم يكن عندهم فلوس لشراء البقلاوة فادعوه لياكل مجاناً لانني دافع مقدما لسد النقص".
 
وأوضح المفتي: "في نهاية الدوام عدّ المدرس المسؤول عدد البقلاوات المباعة وما في الصندوق من فلوس واستغرب جدا وقال (هاي شنو. شي غريب هناك 70 فلس زيادة؟)، قلت له ما اعرف هذه منين. صار هذا صيتاً رافقني لاحقاً طول عمري كلما تصبح عندي فلوس اكثر من حاجتي اشعر ان الاخرين شركاء معي بهذه الفلوس لهذا انا اشعر بسعادة عندما استطيع مساعدة اي شخص ماديا واساهم بحل مشكلته". 
 
يضيف قائلا: "عندما كنت في رئاسة برلمان اقليم كوردستان او بمسؤولية حزبية، مثل عضو في المكتب السياسي الذي كان عنده ميزانية، وكانت عندي لجنة عن طريقها اصرف هذه الميزانية واساعد الناس المحتاجين، وكان عددهم شهرياً اكثر من 280 شخصاً يتلقون مساعدة من هذه المبلغ المتوفر، وكنت اشدد على اللجنة ان يخبروا الناس الذين يتلقون المساعدات بأن هذه الفلوس ليست من عدنان المفتي وانما من الاتحاد الوطني ومن مام جلال، لأن أولاً هذه هي الحقيقة ثانياً اذا انقطعت هذه الميزانية من الحزب كيف اواجه الناس. بالفعل تغيرت الاوضاع بعد المؤتمر في 2010 ولم تستمر هذه الميزانية لكني استمريت في المساعدة بما املك من مالي الشخصي ولكن بدرجة اقل مع التذكير بحقيقة الوضع الذي كنت قد شرحته لهم عن طريق أعضاء اللجنة، وقلت مع نفسي اذا اعادها الاتحاد ساكون ممتناً واذا لم يعيدها فانا ما خسران شي طالما أحقق جزءا من السعادة". 
 
يستطرد المفتي بحديثه قائلا: "اتصور ان ثقافة الانسان وطبعه اهم شيء ثم اني اكره الناس البخلاء ومن الاحاديث التي سمعتها في طفولتي ان (البخيل لا يدخل الجنة)، وتثقفت كيف يمكن للانسان ان يكون بخيلا اذا كان يعرف انه سوف لا يدخل الجنة؟ وانا افتخر بان ترشحني منظمات المجتمع المدني كشخص نزيه وايضا ترشيحي كافضل اداء كرئيس لبرلمان اقليم كوردستان منذ عام 1992 وحتى اليوم، كل هذه الايجابيات التي قالوها عني لا اعتبرها فضلا مني، مثلاً لولا وجود اعضاء برلمان جيدين ما كنت سانجح في مسؤولياتي، كانت هناك لجان برلمانية متناغمة فيما بينها، وما كنت سانجح لولا دعم مام جلال وكاك مسعود وكاك نيجيرفان الذين ما كانوا يرفضون اي منطق سليم في صياغة القوانين".
 
ويبين المفتي: "عندما كانت تحصل صراعات حادة كانت تُحل في اجتماع واحد من غير ان انفي جهود اول رئيس برلمان صديقي الراحل جوهر نامق والذي قام بدور كبير فيما يتعلق بالعمل البرلماني وقرار الفيدرالية". ويعبر المفتي عن اسفه لتراجع دور البرلمان "بسبب تراجع العلاقات بين الحزبين، اليكيتي والبارتي، ومع تراجع الاداء العام في توحيد الادارتين ومع استمرار العلاقة العدائية التي تعود لسنوات الاقتتال الداخلي وعدم تمكننا من تحقيق المصالحة وحتى الان نحن نمر بمرحلة خطيرة وحرجة جدا واذا لم ننتبه وكل واحد يغني على ليلاه فلن نصل الى نتيجة".
 
نسأله: من الذي يغني على ليلاه، الاتحاد ام الديمقراطي؟، يجيب: "كلاهما يتحمل المسؤولية، تغليب المصالح الحزبية الضيقة خلق ثقافة عدم قبول الاخر، ولا اريد ان ادخل في التفاصيل".
 
في رده عن سؤالنا: كيف يمضي عدنان المفتي يومه؟، يجيب قائلا: "انا يومياً اخصص وقتاً من ساعتين الى ثلاث ساعات لاستقبال الزوار، اصدقائي القدامى والجدد، نناقش الامور اليومية، مع ان اغلبنا خارج المسؤولية الحزبية او الحكومية لكننا نتبادل الاراء فيما بيننا ونتداول المعلومات، واقضي الكثير من الوقت في قراءة الكتب، انا اقرا 4 او 5 كتب سوية، العربية والكوردية، من الروايات والسير الذاتية لشخصيات سياسية او ادبية والكتب الفلسفية وعلم النفس والشعر، يعني هنا عندي كتاب الى جانبي، وكذلك قرب سرير النوم كتاب آخر، او على مكتب الكمبيوتر كتاب ثالث، يعني ليس شرطا ان انجز قراءة هذا الكتاب ثم ابدأ بقراءة غيره، بل اقرأ هذا الكتاب ثم اتحول لقراءة كتاب آخر وموضوعه مختلف، وعندما اتعب من قراءة كتاب فلسفي اتحول لقراءة كتاب للسيرة الذاتية (مذكرات) وهذا اكثر سهولة ومتعة من قراءة الكتاب الفلسفي". 
 
يضيف في الحديث عن تفاصيل يومه قائلا: "جزء من برنامجي اليومي مشاهدة الافلام السينمائية وسماع الموسيقى باستمرار خاصة عندما اكون وحدي، وانا جزء كبير من ثقافتي عربية، الى جانب الكوردية طبعا لانها ثقافتي الاصلية، لانني عشت في بغداد ودمشق وبيروت والقاهرة واتواصل مع اصدقائي من الكتاب والشعراء والمثقفين العرب، عراقيين وغيرعراقيين. واذهب مرة واحدة اسبوعيا، مساء كل يوم خميس، الى بيت والدي، الـ(الديوان) وفي اللغة الكوردية (الديواخانة)، وهو تقليد قديم، اتذكر ان والدي كان عنده مجلس يومي كان يسمونه (مجلس رشاد أفندي)، يحضره رجال الدين والسياسة والمجتمع والمثقفين يناقشوه في مسائل دينية واجتماعية وثقافية وكانت اجواء هذا المجلس مختلفة بحكم شخصيته، ووالدي كان خريج الازهر في القاهرة ويتحدث العربية وكان يلقي خطبة الجمعة في جامع القلعة الكبير بالعربي والكوردي".

 

ديوان المفتي

 
وأوضح المفتي: "كانت الخطبة سابقا باللغة العربية فقط والناس لا تفهمها، ثم بدأ والدي منذ الخمسينيات بالقائها باللغتين العربية والكوردية، حتى التركمان كانوا يجيدون اللغة الكوردية، وبعد وفاته لم نستطع القيام بنفس الدور الذي كان يضطلع هو به إذ كان دوره الاجتماعي مؤثراً وكبيراً جداً، واربيل كانت مدينة صغيرة ومختلفة بالتأكيد عن اليوم والمجتمع محدود وعدد سكانها قليلين كان تعدادهم وقت ذاك 100 الى 150 الف نسمة غالبيتهم كورد وهناك تركمان ومسيحيين واليوم تعداد الكورد مليون ونصف المليون نسمة وأكثر من 350 الف نسمة من العرب العراقيين لانهم يشعرون ويجدون ان الاوضاع هنا أكثر استقراراً وتاثيرهم على الوضع الاقتصادي ايجابي ووجودهم في الغالب ايجابي".
 
‎يتحدث السياسي الكوردي عدنان المفتي بالتفصيل عن ديوان المفتي بالقول إن "الديوان هو بيت والدي بقي مثلما هو، نفس الاثاث وكتبه القديمة من مخطوطات ثمينة وهي ليست من اهتماماتي بل من اهتمامات شقيقي كنعان، وهو خبير آثاري وكان مدير عام آثار اربيل، وبدرجة اقل منه شقيقي احسان وهناك كتب تهم العائلة وابرزها التي تحتوي على الهوامش الجانبية بخط والدي، وهناك كتاب قديم يعود تاريخه الى 800 عام ويحتوي على ختم لمولانا خالد النقشبندي، ونسخة من القرآن الكريم مكتوبة بخط اليد يعود تاريخها الى 500 عام".
 
ويؤكد المفتي أن "اعداد هذه الكتب كانت تتجاوز الالاف، قسم منها في القلعة وقسم في قرية (باداوة) التي هي اليوم اصبحت جزء من اربيل، وهناك كان يقع هناك قصر ملا افندي، ابن عم جدي وهو شخصية مهمة وكانت عنده مدرسة يدرس فيها طلبة من جميع انحاء كوردستان العراق وايران وتركيا والشام وينالون شهاده منه، وكانت عنده مكتبة كبيرة جدا وحسبما سمعت من والدي انها كانت تضم مخطوطات نفيسة بضمنها رسالة من صلاح الدين الايوبي الى حاكم اربيل وزوج اخته مظفر الدين كوكبري، لكن للاسف بعد 14 تموز واحداث ثورة ايلول عام 1961 تم التعامل مع هذه المكتبة بلا مسؤولية ولم يتم الحفاظ عليها، ويقال ان اصحاب الدكاكين كانوا يلفون بورق هذه الكتب بضاعتهم للزبائن. قسم من هذه الكتب كان والدي يعثر عليها في المكتبات ويشتريها ليضمها الى مكتبتنا في القلعة". 
 
‎نقول للمفتي: ان بيت العائلة او الديوان، الذي زرناه عدة مرات، متميز في طرازه المعماري الذي يمثل طراز البيت الاربيلي التقليدي وبما فيه من مخطوطات ويمثل جزء من تاريخ اربيل، الم تحاول الحكومة استملاكه والحفاظ عليه كدار للمخطوطات مثلا؟، يجيب قائلا: "‎لم يتم طرح هذا الموضوع او نقاشه بيننا، بيتنا الاصلي في القلعة تهدم لكن بيت جدي المجاور للمسجد تم تجديده وتحول الى متحف تخليدا لزيارة الزعيم ملا مصطفى بارزاني لبيت عمي شمس الدين المفتي، وكان صديقه ومقرب منه جدا خلال زيارته لاربيل عام 1960، وبقي في هذا البيت ليلتين، ودار المخطوطات موجود، لكن من يملك مخطوطات نفيسة ومهمة غالبا لا يسلمها لانه لا يعرف ماذا سيحل بها مستقبلا مثلما صار بدار المخطوطات ببغداد حيث تعرضت للفرهود والسرقة".
 
‎يقص المفتي علينا حادثة مهمة ولطيفة تعبر عن اهمية الكتب وتاثيرها في الآخرين، يقول: "دعني احكي لك هذه القصة، عام 1991 عندما حدثت الانتفاضة في كوردستان، ثم فشلت فهرب الناس من اربيل الى الجبال خوفا من القوات العراقية، كان والدي قد بقي لوحده في البيت ثم ترك اربيل وذهب الى بيت صديقه ملا مجيد في مصيف صلاح الدين، وبقي يومين هناك، وكانت اربيل قد خلت من سكانها والجيش العراقي احتلها ومن ضمن الاماكن والبيوت التي دخلتها قوة عسكرية كان بيتنا وكان خالياً، الضابط الذي يقود القوة العسكرية دخل الى البيت واستغرب لما فيه من كتب واثاث وصور لرجال الدين، أمر جنوده بعدم الدخول وكتب رسالة قال فيها (الى صاحب الدار، انا ضابط في الجيش العراقي، دخلت الى بيتكم ووجدته عامراً بالكتب القيّمة وصور الشيوخ المباركين وللاسف انتم تركتم البيت. لم اسمح للجنود بدخول بيتكم وما اخذت سوى القلم الذي وجدته على مكتبكم وساحتفظ به للذكرى واتمنى ان تعود الى بيتك وتجده سالما). ترك البيت واحكم اغلاق بابه وانسحب. هذه المكتبة هي التي حافظت على البيت من التخريب، عندما قرأ والدي هذه الرسالة تأثر جداً من محتواها وما كتب الضابط وقال لو ملتقي به كان اهديت له عدداً من الكتب  لكن للاسف حتى انه لم يترك اسمه، واعتقد ان الرسالة ما زالت محفوظ عندنا".  
 
‎يؤكد السياسي الكوردي عدنان المفتي بقوله: "اليوم في بيت والدي، الديوان ( الديوانخانة)، نستقبل الاصدقاء وبعض الشخصيات الثقافية والسياسية وهناك شخصيات دائمة الحضور اسبوعيا وبعضهم اصدقاء والدي ويحضرون منذ ذلك الوقت، كما يزورنا ضيوف من بغداد واجانب. بعد عودتنا الى البيت بعد الانتفاضة كانت تزورنا وفود غربية من اميركا وفرنسا وانكلترا وغيرها، كانوا يزوروني فادعوهم الى بيت الوالد وهو كان منفتحا على بقية القوميات والاديان مثل التركمانية والمسيحيين ويتحدث معهم ويحل مشاكلهم إن وجدت".
 
 
 
 
 
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب