رووداو ديجيتال
أكد مدير مستشفى رفيق الحريري في بيروت، جهاد سعادة، أن أزمة القطاع الطبي اللبناني بدأت قبل الحرب بسبب الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أن أبرز التحديات تتمثل في نقص الممرضات والمستلزمات الطبية والأدوية.
وقال في مقابلة مع موفد شبكة رووداو الإعلامية، إن المستشفى اعتاد "التعامل مع الإصابات" و"تدفق الجرحى"، مشيراً في السياق إلى قدرتهم على "إخلاء غرفة الطوارئ خلال 30 دقيقة".
بشأن المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية، لفت إلى أنها تراجعت بسبب تغيير أولوياتها وتركيزها على مناطق أخرى.
أدناه نص المقابلة:
رووداو: من الناحية الطبية، كيف أثرت الحرب عليكم؟ كان هناك أزمة في السابق، لكن مع الحرب أيضاً من ناحية توفر الأدوية، والمعدات، والكادر الطبي، كيف هو الوضع العملياتي حالياً في المستشفى؟
جهاد سعادة: أزمة القطاع الطبي بدأت قبل الحرب، والسبب يعود إلى الأزمة الاقتصادية التي كان البلد يعاني منها وانعكست على المستشفيات بالتأكيد. انعكست على أكثر من ناحية؛ أولاً على سفر الممرضات وفقدانهن، حيث يشكلن العمود الفقري للمستشفى. فقد غادرت العديد منهن إلى وجهتين، إذ انتقلت بعضهن إلى القطاع الخاص، فيما سافرت أخريات إلى خارج لبنان.
حاولنا توظيف ممرضات جديدات، لكن للأسف الممرضات اللواتي تخرجن حديثاً هن اللواتي درسن خلال فترة كورونا، حيث كان التعليم حينها يتم عن بُعد، مما أثر على مستوى التعليم والجودة مقارنة بالمستويات السابقة. بالطبع، كانت هناك أيضاً هجرة للأطباء، مما أثر كذلك.
التحدي الثالث هو نقص المستلزمات الطبية والأدوية، خاصة وأن المستشفى يتقاضى أجره بالليرة اللبنانية، في حين أن المستلزمات الطبية، عدا الأدوية، يتم دفع ثمنها بالدولار. الموردون يطالبون بالدفع عند التسليم نقداً، بينما نحن نحصل على مستحقاتنا من الوزارة بعمليات روتينية تستغرق وقتاً طويلاً.
هذا الأمر أثر على الميزانية المخصصة للمستشفى، مما أدى إلى نقص في المخزون والصيانة التي تتطلب أموالاً كبيرة. ومع ذلك، نحن مستمرون في تقديم جميع الخدمات ولم نصل إلى درجة التوقف. قبل الحرب، أغلقنا بعض الأقسام بسبب نقص الممرضات، لكن فور استهداف بيروت بالحرب، قمنا بإعادة فتحها جميعاً لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الجرحى والمرضى، وزاد عدد المرضى بسبب الاكتظاظ في مراكز الإيواء التي لا يعرفون الكثير عنها، خاصة كبار السن الذين أصبحوا أكثر عرضة للإصابات مثل كسور العظام وإصابات الرأس، إضافة إلى انتشار الأمراض المعدية نتيجة الاكتظاظ. والكل يقصدوننا لأننا المستشفى الحكومي الوحيد في بيروت.
رووداو: مع هذا الضغط الكبير، وتزايد النازحين إلى بيروت، وتوقف بعض المستشفيات في مناطق الحرب عن العمل، هل تستطيعون استيعاب هذا العدد الكبير والاستجابة لهم؟ وكيف تمكنتم من سد النقص؟
جهاد سعادة: نعم، نحن أكبر مستشفى في لبنان من حيث عدد الأسرّة وبإمكاننا أن نستوعب أعداداً أكبر من التي استوعبناها، وقد اعتدنا على التعامل مع إصابات الحرب منذ أيام الحرب الأهلية في بيروت. نحن مستعدون، ولدينا خبرة، كنا نعاني قليلاً في عملية تنظيم دخول المرضى إلى المستشفى واستعنا بخبرات أجنبية، وقمنا بأكثر من تجربة، ونحن مستعدون الآن. وأثبتت الأيام منذ انفجار أجهزة البيجر وحتى الآن قدرتنا على التعامل مع تدفق الجرحى، حيث يتم إخلاء غرفة الطوارئ خلال 30 دقيقة. كما قمنا بالحد من دخول الزوار إليها لتقليل الازدحام، وهو أمر أساسي أيضاً.
أما بالنسبة للمخزون، فقد أعددنا، عندما بدأت حرب غزة، مخزوناً يكفي لمدة عشرة أيام في حال انقطاع الطرق المؤدية إليه، ويشمل الطعام والماء والمستلزمات والأدوية، ولا يمس هذا المخزون إلا إذا انقطعت كل الطرق، وفي الحالات الأخرى نقوم بالاستيراد.
رووداو: ما هي المساعدات الدولية التي تتلقونها عبر منظمات مثل أطباء بلا حدود أو الأمم المتحدة؟ هل شهدت تزايداً في ظل الظروف الحالية؟
جهاد سعادة: مشكلة المساعدات تتمثل في أمرين. أولاً، شهدت تراجعاً بسبب تغير أولويات المنظمات الدولية التي تركز الآن على أوكرانيا والسودان واليمن وغزة، ولم يعد لبنان ضمن الأولويات مثلما كان عليه الحال أيام كورونا. كما لم يعد يرسلون مساعدات نقدية، بل عينية. مثلاً، لدى دولة معينة فائض من الأمصال، فتقوم بإرسالها إلينا، ربما لا نحتاج إليها، أو مخزون من دواء التهاب معين قد لا نحتاج إليه أيضاً، لكنهم يرسلونه على أي حال، فنقوم باستلامه واستبداله أو الاحتفاظ به، أو استخدامه إذا كان تاريخ صلاحيته يمتد لفترة طويلة، أما إذا كانت صلاحيته قريبة نحاول مقايضته مع مستشفيات أخرى تكون بحاجة إليه وتستخدمه فوراً ونستلم بدلاً منه ما نحتاج إليه ونستخدمه فوراً.
رووداو: التقينا بعدد من النازحين، وأحد المشاكل التي يعانون منها هي الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكري. هل زادت لديكم هذه الحالات؟ وكيف تتعاملون مع الذين يعانون من الأمراض المزمنة؟
جهاد سعادة: نتلقى أدوية من منظمتين ووزارة الصحة. ترسل لنا منظمة YMCA أدوية، لكنها تتوزع على المستوصفات الخارجية التابعة للمستشفى. أما المرضى الذين يعانون من هذه الأمراض، فلا يراجعون المستشفى لتلقي العلاج. فأدويتهم وعلاجاتهم ونمط الحياة الذي عليهم اتباعه معروفة. توفر المنظمات والوزارة الأدوية لكن المنظمات أيضاً تعتمد على التبرعات التي تشهد أحياناً تراجعاً وتزيد في أحيان أخرى. نقدم قدر ما بوسعنا أن نقدمه بناء على ما يتوفر لدينا.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً