رووداو ديجيتال
مبعوث الحكومة الاتحادية الألمانية لحرية الدين والمعتقد، يقول إن أوضاع سنجار بعد مرور عشرة أعوام على احتلال داعش ليست بخير و"حين أرى الدمار الذي يعانيه سنجار، يتبين بوضوح سبب عدم رغبة الأهالي في العودة".
زار مبعوث الحكومة الاتحادية الألمانية لحرية الدين والمعتقد، فرانك شفابة، يوم الثلاثاء (3 أيلول 2024) سنجار، وفي اليوم التالي للزيارة، قال في حوار مع شبكة رووداو الإعلامية إن "الشباب يائسون ولا يجدون مستقبلاً لهم في المنطقة ويريدون الهجرة، خاصة إلى ألمانيا، وهذا مبعث قلق لنا".
وقال فرانك شفابة لدى مشاركته في برنامج (حدث اليوم) لرووداو، إن ألمانيا تمنح حق اللجوء لكل الإيزديين الذين وصلوا إليها خلال الفترة (2014 – 2017) "لكننا لسنا على استعداد لاحتضان كل القادمون من العراق، لذا فإن غالبية الذين جاؤوا بعد 2017 والذين يأتون الآن سترفضهم ألمانيا ولن يمنحوا حق اللجوء".
وطالب فرانك شفابة المسؤولين في حكومة إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية العراقية باتخاذ كل ما من شأنه أن يحسن الأوضاع في سنجار، وقال: "يجب أن نكون جادين في أن تعمل الحكومتان كل شيء لتحسين الأوضاع. عندما أزور بغداد يقولون إن الحل في كوردستان، وعندما أكون هنا في كوردستان، يقولون إن الحل في بغداد. هذا النوع من التلاعب، وأن يلقي كل طرف المسؤولية على الآخر، لا يجدي".
وعن المكونات الدينية في العراق، قال مبعوث الحكومة الاتحادية الألمانية لحرية الدين والمعتقد: "أجد الحرية الدينية في العراق على الورق، لكن الوضع على الأرض صعب، يبدو أن ما يفعله البلد ليس بكاف، لأنه يبدو أن المكونات تكاد ترحل عن البلد".
وأشار فرانك شفابة إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هزم عسكرياً "لكن فكر وعقيدة داعش لا يزالان قائمين".
أدناه نص حوار شبكة رووداو الإعلامية مع مبعوث الحكومة الاتحادية الألمانية لحرية الدين والمعتقد، فرانك شفابة:
رووداو: عدتم للتو من سنجار، وهذه زيارتكم الأولى لسنجار، أود أن أسألك عن مشاعرك، وماذا وجدت هناك؟
فرانك شفابة: المشاعر هي أني شهدت أموراً مختلفة، وجدت من يقول إن الأمن هناك الآن جيد للغاية، وشاهدت بيوتاً يعاد إعمارها، وبعض المرافق العامة كالمدارس وغيرها، لكن بلا شك شاهدت الدمار الذي حل بالمدينة والكثير من أجزائها التي لا تزال مدمرة للغاية، ووجدت شباباً يقولون إنهم في منتهى اليأس ولا يجدون أي مستقبل لهم في المنطقة، ويريدون الهجرة إلى الخارج، إلى ألمانيا بالدرجة الأساس.
رووداو: هل يقلقك هذا؟
فرانك شفابة: بالطبع يقلقني. القلق ذو وجهين، فكما تعلم أنا أتعامل مع قضية الحرية الدينية في عموم العالم، وأعلم بالتأكيد أن الناس عندما تخرج من ديارها التي أقامت فيها منذ القدم إلى المهجر، يمكنها أن تعيش هناك، لكن في النهاية من الصعب أن يحافظوا على تقاليدهم، الأمر موضع قلق كبير على الوضع الديني من هذه الجهة. من المؤكد أيضاً أن علي القول إنه رغم استقبال ألمانيا لكثيرين ممن واجهوا الإبادة العرقية، فإننا لسنا على استعداد لاستقبال كل هؤلاء القادمين من جميع أنحاء العراق، لأننا في ألمانيا نخوض جدلاً داخلياً حساساً بشأن الهجرة.
رووداو: الإبادة العرقية جرت منذ عشر سنوات، وقد رأيت الآن الدمار في سنجار. أنت تعلم أن السياسيين في أوروبا وفي العراق، يدعون الإيزديين باستمرار للعودة إلى ديارهم في سنجار. من خلال ما شاهدت اليوم، هل تعتقد أن الوضع في سنجار جيد لدرجة تسمع لكل المقيمين في المخيمات بالعودة والعيش هناك؟
فرانك شفابة: ليس جيداً كفاية. التقينا أناساً عادوا من المخيمات، وأعلم بوجود نقاش يتناول هذا الموضوع، فبعض الذين عادوا إلى سنجار، عادوا إلى المخيمات مرة أخرى، فأنا أرى أن العيش هناك ليس سهلاً، بل قد يكون من المستحيل العيش هناك. شاهدت بعض الأمور الجيدة، لكن وبصورة عامة وبعد مرور عشر سنوات على الإبادة العرقية، كان يجدر أن نلمس أوضاعاً أفضل بكثير، وعندما أجد كل هذا الدمار في مدينة سنجار يتضح لي لماذا لا يريد الناس العودة إليها. لذا أحث الجميع، وفي مقدمة الجديد أحث الحكومة المسؤولة، وهي الحكومة العراقية، على حل الوضع وبإمكاننا المساعدة، لكن ليس بإمكاننا أن نحل محل الحكومة العراقية في إعادة الإعمار وبناء البيوت، أعلم أن الأمر لا يقتصر على بناء البيوت، لكن الناس لن تعود بلا بيوت تسكن فيها.
رووداو: هذه قضية عراقية، لكنها موضع قلق لألمانيا لأنك رأيت الناس اليوم، رأيت شباباً يقولون إنهم يائسون ويريدون الذهاب إلى ألمانيا، وهذا مقلق لك. من المؤكد أنكم ستعدون تقريراً عند عودتكم وستقدمونه لحكومتكم، تتحدثون فيه عما شاهدت وتقدمون مقترحات. أود أن أسأل عما ستقترحون على حكومتكم في هذا الصدد؟
فرانك شفابة: ليس الأمر مجرد قلق، صحيح أنه مقلق لنا، لكنه أيضاً نوع من المسؤولية مع وجود هذا العدد الكبير من الإيزديين في ألمانيا. كل من التقيناهم اليوم كان لهم قريب أو صديق في ألمانيا، هذا يلقي علينا نوعاً من المسؤولية، لكنه أيضاً مبعث قلق لنا أن يكون هناك ربما 100 ألف يريدون المجيء إلى ألمانيا، وهذا أمر صعب للغاية في خضم الجدل السياسي الداخلي الحالي بألمانيا. عندما أعود، سأقترح بلا شك أن نواصل جهودنا الدبلوماسية مع الحكومة العراقية وكذلك مع حكومة إقليم كوردستان بخصوص ما تم إنجازه، والمطالبة بتحسين الأوضاع من كل الجوانب، الأمن وبناء المساكن والعمل في الزراعة، وأن يجري كل هذا معاً وبصورة متزامنة. عندنا برامج، وأعلن من هنا أننا سنخصص 15 مليون يورو آخر لبناء 260 داراً جديدة وتحسين وضع المياه، هذا ليس كل شيء، لكنه شيء نفعله نحن. من جهة أخرى، أعتقد أن علينا في ألمانيا أن نفهم الوضع، وما الذي يدفع الناس للقدوم إلى ألمانيا والهجرة، نناقش الآن إعادة الإيزديين الموجودين في ألمانيا، وأود الثول إن الذين وصلوا إلى ألمانيا في أيام الإبادة العرقية، أي حتى 2017، هؤلاء محميون في ألمانيا وسيبقون فيها، وخلا هؤلاء، سنعمل على إبقاء الباقين منهم في بلادهم، وإن قرروا اليوم القدوم إلى ألمانيا فسيمرون بعملية لجوء عادية في ألمانيا، لأن الوضع لم يعد كما كان في 2015 و2-16، ولن يسمح لكثيرين منهم بالبقاء في ألمانيا. يمكن لحالات فردية البقاء، كأن يعاني الشخص من عقدة ما بعد الصدمة، أو النساء والفتيات التي تعرضن للعتداء جنسياً، ومن هذه الملفات، هؤلاء لديهم الفرصة، أما بصورة عامة فإنهم لن يحصلوا على حق اللجوء، وعلي لهذا أن أطلب منهم عدم المجيء إلى ألمانيا، وعلى ألمانيا أن توضح هذا الأمر، ونحن بحاجة إلى حملة لتفهم الناس حقيقة الوضع الداخلي في ألمانيا.
رووداو: من أجل الحل، هناك اتفاقية سنجار، وأنا واثق أنكم مطلعون جيداً على هذه الاتفاقية، فهل لا زلت تعتقد أن تنفيذها يمثل الحل لمسألة سنجار، حيث كنت اليوم في سنجار؟
فرانك شفابة: أعلم بوجود كثير من النقد الذي يوجهه الناس بخصوص الاتفاقية، هناك من يقول إنهم لم يكونوا جزءاً من الاتفاقية، لكن من جانب آخر، هذا هو الشيء الوحيد الذي في متناولنا، لذا يوجد نوع من الاتفاق بين بغداد وأربيل في هذا الصدد. أعتقد أن علينا أن نكون جادين في أن على الحكومتين بذل كل شيء لتحسن الوضع. أنا مدرك لصعوبة الوضع في هذا البلد، وأعلم أن العمل إلى جانب الخلافات والصراعات الكثير الإقليمية ليس سهلاً، لكن عندما أذهب إلى بغداد، يقولون آه الحل في كوردستان، وعندما أكون هنا، في كودستان، يقولون إن الحل في بغداد، لهذا فإن هذه اللعبة، أن يقول كل جانب إن الجانب الآخر هو المسؤول، لن يعمل في النهاية. لألمانيا مصلحة في هذا، نحن هنا كصوت دبلوماسي، لأننا نخاطب دولة مستقلة، وأيضاً مع حكومة إقليم، لكن لا شك أن مصلحتنا تكمن في العثور على حل، لكي يجد الناس مستقبلهم هنا وليس في ألمانيا.
رووداو: الأمم المتحدة أيضاً سعت لتنفيذ الاتفاقية التي كانت هي جزءاً منها، لكن رغم مرور سنوات لم يتم تنفيذها. عند الحديث مع المسؤولين العراقيين وكذلك المسؤولين الكورد، يشعر المرء بأن الاتفاقية ولدت ميتة بشكل من الأشكال..
فرانك شفابة: أنا لست هنا لأقرر بأنها ستعمل أم لن تعمل في النهاية. ما نلمسه اليوم هو أنها لا تعمل، ومن جهة نظر الإيزديين فإنهم لا يعلقون عليها الآمال، هذا ما رأيته. يقولون إنهم لم يكونوا جزءاً من الاتفاقية وفيها نقاط كثيرة ليست جيدة، ولا يرون أنها ستعمل. في الأخير، هناك نقطة يطالب بها الإيزديون بإلحاح، وهي وجود قوة أمنية منظمة مؤلفة من الإيزديين، فهم يقولون إنهم يرون اليوم كل هؤلاء الجنود والشرطة في المدينة والوضع الأمني جيد، لكن ماذا لو حصلت مواجهة جديدة، إنهم لا يعتقدون أنهم سيكونون محميين ويريدون قوة خاصة بهم من أهلهم، ويرون هذا ضرورياً للغاية.
رووداو: قرأت عدة تقارير تتحدث عن رفض ملفات عدد من طالبي اللجوء الإيزديين في ألمانيا، من جانب المحكمة، ويقول هؤلاء: نحن إيزديون والبرلمان الألماني أقر بالإبادة العرقية للإيزديين ويطالبون الحكومة بالحوار معهم، هل تحمل الحكومة الاتحادية الألمانية هذا على محمل الجد؟ ماذا سيقدمون لطلاب اللجوء الإيزديين الموجودين حالياً في ألمانيا وقد رفضت المحاكم طلباتهم؟
فرانك شفابة: في الأخير، تعلم أن العملية هي في مقدمة كل شيء، والحكومة هي التي تقرر، لكنها ليست وحدها، ليس الحكومة أو الوزارات وحدها، بل هناك وكالة خاصة بالتعامل مع هذه المسألة وأنا شخصياً معي العديد من الملفات التي أحاول مساعدة أصحابها، لعلمي أنه في حال طردهم من ألمانيا سيكون الأمر صعباً جداً عليهم. لكن ما يجب فهمه هو أن القرار يصدر من أعلى الهرم. قرار مهم يصدر من قمة الهرم، ونحن في ألمانيا نقول إننا نريد يعيش الناس في جميع أنحاء العالم في أمان وطمأنينة، لكن هذا لا يعني عدم التعامل مع كل طلب لجوء كملف متعلق بالشخص المعني، هذا نظام قائم في ألمانيا ولا نستطيع قبول الإيزديين خارج إطار العملية والنظام. فهذا غير وارد في القانون. كذلك، إن بدأنا بهذا، إلى أين سيمضي بنا؟ عندها سيطالبني مسيحيو هذه المنطقة بالتعامل معهم مثل التعامل مع الإيزديين، كذلك لدينا ناس في مختلف أصقاع العالم، كالروهينكا وميانمار، وسيسألوننا لماذا ليس عندكم أي شيء خاص لنا. لذا فإن هذا ليس حلاً.
الحل هو أن الذين جاؤوا بين العامين 2014 و2017 إلى ألمانيا، يمكنهم إن أرادوا البقاء في ألمانيا إلى الأبد، أما الذين جاؤوا بعد ذلك فيجري التعامل مع ملفات بصفة فردية، وعدد الذين ترفض طلباتهم في ارتفاع، لأن ألمانيا تقول: صحيح أن الوضع ليس على ما يرام ولا يزال غير جيد، لكنه ليس في حالة الإبادة العرقية التي لا يمكن معها لأحد أن يعيش هناك، حتى إن قورن مع الوضع في سائر أنحاء العالم، مثل السودان أو أي مكان آخر. لو قلنا إننا سنمنح فرصة الإقامة لكل من يأتي إلى ألمانيا فعلينا حينها أن نتناول قضايا بلاد أخرى ولا نستطيع التعامل مع عدد كبير بهذا الشكل من اللاجئين.
رووداو: هل سيتم ترحيلهم وإعادتهم؟
فرانك شفابة: في النهاية، أجل. أنا أخبر الناس بهذا بكل وضوح، لو أنهم قرروا اليوم أو غداً الهجرة إلى ألمانيا بدون أن يكون عندهم ملف فردي محدد، مثلاً إن لم يكن ملف حالة ما بعد الصدمة أو لم يكن من النساء الإيزديات وعددهم 2607 واللائي ما زلت في مكان ما في قبضة الإرهابيين، إن تم تحريرهن فستكون أمامهن الفرصة للقدوم إلى ألمانيا لمراجعة المستشفيات أو أي شيء آخر، هؤلاء يمكنهن البقاء، أما الذين يعيشون هنا ظروفاً صعبة لكنهم ليسوا مهددين بالإبادة العرقية والقتل وغير ذلك، فيمرون عبر عملية لجوء عادية وأعتقد أن غالبيتهم لن يحصلوا على حق الإقامة ويتم ترحيلهم.
رووداو: حسب تقييمك، هل ترى أن الإيزديين في العراق محميون وأحرار؟
فرانك شفابة: لا، بالتأكيد لا. أنا أتفهم تماماً أن هؤلاء الناس يشعرون أنهم يعيشون ضمن مجتمع وفي بلد ليس فيه الكثير ممن يرحبون بهم وبتحدثون عنهم بشتى الشائعات عن تصرفاتهم وأسلوب حياتهم وغير ذلك، أنا أتفهم ذلك، لكن لكي تأتي إلى ألمانيا وتقيم فيها يجب أن تكون تعاني من حالة مباشرة كأن تفر من القتل أو الاعتداء الجنسي وما إلى ذلك. إن لم يكن عندك ملف فردي من هذا النوع، وحتى إن كان الوضع في البلد الذي تعيش فيه سيئاً، لن يكون من حقك الإقامة. حتى إذا قارنا ذلك بأجزاء أخرى من العالم يجب تكون عندنا المعايير نفسها، وفي الأخير لا يمكننا القول إننا نفضل هؤلاء الناس على غيرهم. إن جاء آخرون وطلبوا اللجوء فإننا سنتبع نفس المعايير معهم.
رووداو: حسناً، هذه هي أوضاع الإيزديين وتقييمكم للإيزديين في العراق، ولكن يوجد إيزديون في تركيا أيضاً، على سبيل المثال، وفي دول أخرى، كيف تقيم أوضاع الإيزديين في تركيا؟
فرانك شفابة: إنه مماثل في النهاية، أتعرف أن عندنا كثيرين يأتون من تركيا، وفي العام الماضي كان عدد اللاجئين القادمين من تركيا إلى ألمانيا ثالث أكبر عدد، إنهم يريدون الفرار من حكومتهم.
رووداو: حتى الإيزديين؟
فرانك شفابة: نعم هم أيضاً، يهاجر كثيرون من جنوب شرق تركيا، لكن أغلبهم لا يفوزون بحق اللجوء، يقولون إن الأوضاع ليست جيدة، والأوضاع السياسية سيئة للغاية، إن لم يكن عندهم ملف خاص مثل قيامهم بانتقاد الحكومة أو شيء من هذا القبيل يعرضهم للسجن والمحاكمة، ثم فرارهم إلى ألمانيا، حينها ستكون فرصة الإقامة متاحة لهم. أما إن لم يكن عندهم ملف محدد من هذا القبيل، وأن يكتفوا بمجرد القول إن هناك خطراً عاماً، فهذا لا يكفي لحصولهم على الإقامة.
رووداو: التقيت اليوم أناساً في سنجار، وستلتقي في الأيام القادمة ساسة ومسؤولين في إقليم كوردستان، في الحقيقة أود أن أعرف ماذا سيكون السؤال الرئيس الذي ستطرحه على المسؤولين عندما تلتقيهم؟
فرانك شفابة: سؤالي الرئيس سيكون عن خططهم المستقبلية الرامية لإنجاز كل ما من شأنهم تحسين أوضاع الإيزديين، وكيف سينفذون الاتفاقية وكيف سيساومون مع بغداد. أعلم أني أفعل هذا في وضع سياسي صعب للغاية بينما هناك الكثير من المشاكل بين بغداد وأربيل، ثم آتي أنا وأسألهم عن الإيزديين، أنا مطلع على ذلك جيداً، لكن من جانب آخر يمكنني تقديم تطمينات بأن ألمانيا ترغب كثيراً ونسعى بحق لنكون شريكاً جيداً، لا نريد أن نقول لأحد عليك أن تفعل هذا وذاك، لكن قد تكون لدينا مقترحات، كأن نقول لنفعل هذا معاً، ونحن نستطيع مساندتكم هنا أو هناك، لكن الذي ليس ملائماً هو أن أذهب إلى كل عاصمة فيقال لي إن الذنب ذنب الأخرى.
رووداو: يلوم أحدهم الآخر؟
فرانك شفابة: أحياناً أحياناً أعلم أن هذه سياسة، وأنا سياسي يما يكفي لفهم هذا، لكن بالطبع هذا موجود، لكن من فضلك تحدث فقط عما يمكنك فعله، وليس ما تتوقعه من الآخرين.
رووداو: نعم، أنت ملم بالسياسة، لكن السياسة في الشرق الأوسط قد تعمل بشكل مختلف عما في أوروبا... كيف تجد الحرية الدينية في العراق بشكل عام؟ أعلم أن هذه وظيفتك وقضية الإيزيديين واحدة من مهامك ليس إلا، لأنك مبعوث الحكومة للحرية الدينية. كيف تجد العراق في هذا الصدد؟
فرانك شفابة: كنت هنا العام الماضي وأعتقد أنني رأيت كل المجموعات المختلفة، حتى بعض اليهود، وأعتقد أن هناك عدداً صغيراً من المندائيين، لذلك التقيت الجميع، ومنهم بالطبع المسيحيون، ومن المثير أن ألتقي الجميع. عندما أكون هنا أفكر دائماً في الإنجيل، وأنت تعلم أنني مسيحي وأفكر في التاريخ هنا. أمر رائع أن الحضارة تطورت من هنا والآن هناك خطر أن نفقدها.
التقيت بكثير من المسيحيين ويقولون إذا لم تتغير الأمور لن نجد أي مستقبل لنا هنا. أعلم أن هناك أقل من 70 عائلة مسيحية في الموصل حالياً، في حين كان عدد المسيحيين في المدينة 50 ألف مسيحي والآن في هذا الوضع لا أراهم يعودون. لذلك، أرى حرية دينية على الورق في العراق، لكن في الحقيقة يجب أن أقول إن الوضع صعب. لا يبدو ما يفعله البلد كافياً، لأنه يبدو أن الأقليات الدينية ترحل عن البلد. أعتقد أن هذا قيمة كبيرة لهذا البلد وأنا معجب به كثيراً. يجب على العالم والعراق التركيز على إبقاء هذا في هذا البلد.
رووداو: قبل 2003، كان عدد المسيحيين في العراق يقدر بحوالي 1.5 مليون نسمة، أما الآن، وبعد عقدين ورغم النمو السكاني، يوجد ما يقدر بنحو 300 ألف مسيحي في العراق، يعيش معظمهم في إقليم كوردستان. هل تعتقد أن وجود المسيحيين أيضاً مهدد في العراق؟
فرانك شفابة: طبعاً في النهاية الوضع مشابه جداً لوضع الإيزديين. أرى الكثير من الناس يتنقلون كثيراً بين العراق وألمانيا، وهذا أمر طبيعي، لكني أرى المزيد والمزيد من الناس يحاولون العثور على مستقبل لهم في أي مكان في العالم، وقسم كبير منهم يبحثون عن هذا المستقبل في ألمانيا، وخاصة الشباب. كبار السن يقولون إننا نعيش هنا منذ نحو 60 إلى 70 عاماً، ونواجه صعوبات أحياناً، لكننا سنبقى هنا. لكن الشباب أمامهم الحياة كلها، لذلك عندما يبلغون من العمر 20 و23 و24 و25 سنة، يقولون أيضاً إن من الجيد جداً الحفاظ على التقاليد والدين. في الواقع، يمكنك في النهاية حمايتها في منطقتك وبلدك الذي جئت منه. بالطبع، هناك حرية دينية في ألمانيا ويمكنك بناء كنيستك الخاصة. زرت الكنائس الأرثوذكسية والآشورية هنا، ويوجد من هذه الكنائس في ألمانيا، لكنها لا شيء مقارنة بالهندسة المعمارية للكنائس هنا وهذا النوع من التقاليد الموجودة هنا. لذا، نعم، أشعر بالقلق من أننا في هذا المجال نفقد أتباع هذا الدين أيضاً.
رووداو: المنطقة التي ظهرت فيها الديانة، وتاريخها بدأ من هنا.
فرانك شفابة: نعم.
رووداو: أعلم أنه من المحزن رؤية ذلك. هذه المشاكل كانت موجودة من قبل، لكنها تفاقمت بعد داعش أكثر فأكثر ولا تزال مشاكل لم يتم حلها. هل ترى أن داعش ما زال يشكل تهديداً في هذه المنطقة؟
فرانك شفابة: عندما أتحدث إلى المسيحيين والإيزديين، يخبرونني أن الأمر كان صعباً من قبل، وكانت هناك بيئة نما فيها داعش. الآن هزمنا داعش عسكرياً معاً، لكن مؤكد أن معتقداته لا تزال موجودة، الناس ما زالوا موجودين، وتم تحييد قدراتهم لكن فكرهم لا يزال قائماً. ربما علمت بأمر جريمة قتل في ألمانيا قبل بضعة أيام، وكان المهاجم شخصاً يبدو أنه مرسل من قبل داعش، لذا فإن معتقداتهم لا تزال موجودة ويجب أن نفعل كل ما في وسعنا لإبقائهم تحت السيطرة.
رووداو: سينتهي تفويض الجيش الألماني بالبقاء في العراق في نهاية تشرين الأول المقبل. هل توجد إرادة سياسية عند الحكومة والبرلمان الألمانيين لتمديد التفويض عاماً آخر؟
فرانك شفابة: أنا مطلع على ما يقال عن هذا هنا في العراق وأتفهم أن العراق يريد الحد من التدخل والنفوذ الأجنبيين، لكن من ناحية أخرى أعتقد أننا بحاجة إلى نوع من الاستقرار وألمانيا بلد يحاول تحمل المسؤولية بدون توقع الاتجاه الذي يجب أن يمضي البلد فيه. لذلك لدينا هذه الإرادة ونحن نبحث الأمر معاً، وألمانيا مستعدة للاستمرار وتحمل كل المسؤولية التي تطيقها في هذا البلد.
رووداو: هل سيقبل العراق بهذا التمديد؟
فرانك شفابة: أنا لست جزءاً من هذه المحادثات.
رووداو: لكن هل لدى ألمانيا الرغبة في تمديد المهمة؟
فرانك شفابة: أجل، من المؤكد أن ألمانيا تريد أن نفعل هذا.
رووداو: تحدثت عن هجوم زولينغن في ألمانيا. والتقارير تفيد بأن الرجل يدعى عيسى وقد أرسل من جانب داعش. ماذا تفعل الحكومة في ألمانيا للتعامل مع التطرف داخل ألمانيا؟
فرانك شفابة: هذا سؤال جيد. لدينا هذا النوع من المناقشات في جميع أنحاء العالم وهنا. لدينا الكثير من الذين ينشرون الأفكار السيئة في أذهان الناس، ولدينا الكثير من خطاب الكراهية، وهناك قوانين في كل مكان وفي ألمانيا لدينا قوانين ضد خطاب الكراهية، ولكن يبدو أن هذا الخطاب لا يزال قادراً على النمو على أي حال، ما نناقشه الآن هو كيف سيكون لدينا تأثير أكبر على الأصولية. لذلك أغلقنا مسجداً في ألمانيا كان متأثراً جداً بإيران، لكننا لم نحصل على الجواب بعد، فمن ناحية، نحن بلد حقوق الإنسان والحريات حيث يمكنك التعبير عن رأيك، لا نحدد الناس في التعبير عن معتقداتهم، ومن جهة أخرى لا نريد خطاب كراهية من الذي يحث الناس على ارتكاب الجرائم .
رووداو: ألا يصعب عليكم في ألمانيا التمييز بين حرية التعبير وخطاب الكراهية ونشر التطرف؟
فرانك شفابة: الأمر صعب في جميع أنحاء العالم، وأنت تعلم أن لدينا قوانين ضد خطاب الكراهية، ويمكنك الذهاب إلى المحكمة وتقديم شكوى، لكنها ليست عملية سهلة. السؤال هو هل يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أو هل ستحاول دعمنا، مثل السيد إيلون ماسك في شركة X، التي تعمل الآن بشكل مختلف عما كانت عليه تويتر من قبل. كانت مواجهة خطاب الكراهية على تويتر أسهل، ولكنها في واقع الأمر توازن وليس من السهل دائماً، فهناك الآن دول تنتقد بأنها تمنع الناس من التحدث بحرية، عندها سيأتون ويستشهدون بالقانون الألماني ضد خطاب الكراهية كمثال ليقولوا، انظروا، لقد قمتم أنتم أيضاً بتقييدها، لذلك من الصعب أن تتخذ قراراً بشأن ما هو مسموح به وما هو خطاب الكراهية الذي يؤلب الناس على بعضهم البعض وما الذي يجب السماح به. لذلك هذا ليس بالأمر السهل للغاية ونحن نناقشه الآن وربما مع زيادة الهجمات سنكون أكثر وضوحاً وصرامة بشأن بعض القوانين.
رووداو: هل تشعر بالقلق إزاء سياسة بإيلون ماسك في تويتر؟ هل أنت قلق من إمكانية استخدام تويتر لنشر خطاب الكراهية والتطرف في ألمانيا؟
فرانك شفابة: لا شك أنه أمر مثير للقلق، ليس فقط خطاب الكراهية ولكن أيضاً أخبار الكراهية، لو نظرنا إلى ما ينشره بنفسه، وأي نوع من الهراء هو وأحياناً معلومات غريبة جداً، لكنه في النهاية يحتكر المعلومات والناس في جميع أنحاء العالم يستخدمون X وحتى أنا. لدينا دائماً نقاش في ألمانيا حول ما إن كان علينا أننستخدمه أم لا، وهل سنستخدمه بعد الآن، لكن في النهاية نحن عالقون فيه لأنه ليس لدينا بديل آخر للتزود بالمعلومات وإعلام الناس في جميع أنحاء العالم. لقد استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى في دائرتي الانتخابية في ألمانيا، لكن إذا كنت أرغب في التواصل مع أشخاص في الخارج، في بلاد أخرى، فلا توجد طريقة أو بديل آخر في البلدان الأخرى.
رووداو: لكن ماذا تفعل الحكومة حيال ذلك؟ لأنه، على سبيل المثال، قررت البرازيل الأسبوع الماضي حظر X بالكامل، وأعتقد أن هذه قد لا تكون سياسة الحكومة في ألمانيا، لكن الوضع صعب. كيف تتعاملون مع الأمر؟
فرانك شفابة: نحن في بداية المناقشة ويتركز الأمر على النقاط الأساس، واليوم لا يزال الأمر فلسفياً، لذلك نحن بعيدون عن اتخاذ قرار بناءً على القانون ونقول هل نريد تغيير شيء ما أم لا، نحن بحاجة إلى قانون ونعلم أين يكمن الخطر، لأني أعلم أن تلغرام أيضاً فيه مل الأمور السيئة ويحتوي على الكثير من الأخبار الكاذبة، ولكنه يستخدم أيضاً من قبل الأشخاص الذين يعملون ضد الأنظمة والدكتاتوريين، لذا يمكن استخدامه في كلا الاتجاهين، ولهذا ليس عندنا موقف واضح من هذا، ومع ذلك نواصل النقاش لأن أمامنا انتخابات، هناك الانتخابات الاتحداية في السنة القادمة ونخشى من بعض الحملات السيئة للغاية، التي قد تمولها وتنظمها دول لا تريد أن تكون جيدة جداً معنا.
رووداو: لنعد إلى داعش، هل ترى أن داعش يشكل تهديداً الآن في ألمانيا، وليس فقط في هذا الجزء من العالم؟ هل تعتقد أن داعش وأيديولوجيته ينموان الآن في أوروبا وألمانيا، وليس فقط في هذه المنطقة من العالم؟
فرانك شفابة: ليس بعد، لا ليس الآن. كان لدينا تنظيم القاعدة وجماعات أخرى في السابق، وكما تعلمون، كانت هناك الكثير من الهجمات في ألمانيا. ربما تعلمون، أن لدينا بعض المظاهرات في ألمانيا يدعمها حوالي 1000 شخص يطالبون بالخلافة.
رووداو: يطالبون بالخلافة؟
فرانك شفابة: نعم، لقد رأينا ذلك في الشوارع، لكننا الآن لا نرى هجمات أكثر مما في السنوات العشر أو الـ 12 الماضية، ولكننا مندهشون نوعاً ما من استمرار هذه الهجمات لأن هناك أشخاصاً في ألمانيا يتساءلون أين هو داعش، فلم نعد نراهم، ولم نعد نرى أعلامهم في المنطقة وقد هُزِموا ولكن يجب أن نعلم أن الفكر والعقيدة لا تزال موجودة، وأن الهيكل التنظيمي لا يزال موجوداً في مكان ما.
رووداو: السيد شفابة، ألف شخص يتظاهرون ويطالبون بالخلافة ويدعمون الخلافة كنظام في ألمانيا. أنتم تقولون إن هذه حرية تعبير، لكن يمكنك أن تتخيل كيف ستتعامل الحكومة مع مثل هذه المظاهرة في بغداد أو دمشق اللتين هما عاصمتا الدولتين اللتين ظهر فيهما داعش، كيف تتعامل الحكومة مع هذا؟
فرانك شفابة: يمكنني تصور ذلك، وأفهم أن لهذا البلد تجارب كثيرة مع التطرف ويسعى لقطع الطريق عليه... لكن...
رووداو: لكن، هل تسمحون أنتم بذلك؟
فرانك شفابة: نعم، لأننا تعلمنا في تاريخنا أننا نريد أن نكون مجتمعاً حراً يمكننا أن نتظاهر. لكن دعني أكون صريحاً، لدينا مناقشات حول هذا الأمر، ولم نسمح بكل شيء والشرطة اعترضت سبيلهم، ومنعوا من إبراز الأعلام، لذا كان هناك اعتراض، ولكننا في حوار مستمر وربما نكون في بداية فهم الوضع و التحدي الذي نواجهه.
رووداو: أعتقد أنك لا ترى الأعلام، ولكن هناك أفكاراً من هذا القبيل هناك. في الواقع، هذه مناقشة فلسفية للحرية. وفي نفس الوقت، هناك محاولات عديدة في أوروبا لجعل الأمور تبدو صحيحة من الناحية السياسية. لذلك، ربما لا يكون من السهل التعامل مع الأمر سياسياً، ولكن في الشرق الأوسط، من السهل التعامل معه. لا أعرف إذا كنتم ستتخذون من الشرق الأوسط أنموذجاً أم لا؟ بعد الهجوم الذي وقع في ألمانيا، نجد عدداً أكبر من الساسة الألمان يطالبون بترحيل المهاجرينـ إلى سوريا بصورة خاصة. ويقولون إذا كانت هناك بعض المناطق الأمنة والمستقرة في سوريا، فيجب أن نكون قادرين على ترحيل الناس إلى تلك المناطق. هل تفكر الحكومة في هذا الأمر بعد الهجوم الأخير؟
فرانك شفابة: الشرط الأول لترحيل الأشخاص هو أن تعرف إلى أين ترسلهم. لا أريد الخوض في كثير من التفاصيل حول العراق، لكن لا يمكنك ترحيل الأشخاص بدون السفر جواً. كما أنه إذا لم تكن لديك أي علاقات مع النظام أو الحكومة السورية أو الحكومة الأفغانية، فسيكون الترحيل صعباً من حيث الإجراءات. ما قمنا به مؤخراً هو أننا استطعنا، بمساعدة دول أخرى، إعادة 28 مجرماً إلى أفغانستان. قد نفعل نفس الشيء مع السوريين في المستقبل، لكن في ألمانيا بشكل عام من الصعب جداً ترحيل الناس. يمكنك سنوياً إعادة مئات أو آلاف الأشخاص، لكن الإمكانيات ليست أكبر من ذلك، لأن الأمر يتطلب دراسة قوانين أخرى. ندرس الآن ما إذا كان ينبغي لطالبي اللجوء ألا يتقدموا بطلب اللجوء داخل أوروبا، بل من بلد خارج أوروبا. ثم إذا تم منحهم حق اللجوء، يجب السماح لهم بالقدوم إلى أوروبا وفي نهاية المطاف إلى ألمانيا. لأن هذا أفضل من ترحيل الأشخاص، وإذا أراد الناس القدوم إلى ألمانيا، فعليهم أن يعلموا أنه إذا لم يكن لديهم سبب محدد لتقديم طلب اللجوء واكتفوا بالقول إنهم من بلد ظروفه سيئة، فهذا وحده لا يكفي. لأننا إذا قبلنا ذلك، علينا أن نقبل أشخاصاً من 50 دولة، وهذا غير ممكن.
رووداو: السيد فرانك، حزبكم، الحزب المسيحي الديمقراطي، حزب جماهيري.
فرانك شفابة: أنا من الاشتراكي الديمقراطي.
رووداو: نعم، الديمقراطي الاشتراكي، آسف. في الانتخابات الأخيرة، رأينا اليمين المتطرف، حزب البديل من أجل ألمانيا، حصد المزيد من الأصوات في منطقة لم يفز بها منذ الحرب العالمية الثانية بهذا العدد من الأصوات. أصبح هذا يشغل عناوين الأخبار الحالية في جميع أنحاء العالم. حدث هذا في ألمانيا، لكني قرأته هنا في أربيل. ألا تعتقدون أن السياسات التي تنتهجها ألمانيا الآن غير ناجحة وأدت إلى تراجع أصواتكم؟ ألا تعتقد أن السياسات لم تعد نافعة؟
فرانك شفابة: لست فرحاً بازدياد أصوات الشعبويين اليمينيين في ألمانيا..
رووداو: أجل، أعرف هذا.
فرانك شفابة: لا يسعدني.
رووداو: لا يسعدك ذلك، لكن هذا هو السبب، أعذرني على السؤال ولكن...
فرانك شفابة: نعم..
رووداو: بعض الذين كانوا يصوتون لكم لم يعودوا يصوتون لكم. هذا يعني أنكم بحاجة إلى القيام بشيء حيال ذلك. هل تعتقد أن السياسات التي اتبعتموها خلال السنوات العشر الماضية للتعامل مع المهاجرين، وهو موضوع ساخن في خطاب اليمين المتطرف، وكذلك الطريقة التي تتعاملون بها مع المشاكل في هذا الجزء من العالم، لم تعد فعالة؟ لديك العلامات، فهل ترون الحقائق؟
فرانك شفابة: أي أن السؤال هو عن تحول الهجرة إلى سبب لزيادة أصوات اليمين المتشدد...
رووداو: واحداً من الأسباب..
فرانك شفابة: لكني على يقين أنه حتى لو لم يأت مهاجر واحد إلى ألمانيا ولم تكن كلمة الهجرة موجودة... رغم أننا بحاجة إلى مهاجرين ولو لم نقبل المهاجرين في الماضي كنا سنواجه مشاكل اقتصادية كثيرة الآن. لكن حتى في غياب المهاجرين كنا سنشهد ارتفاعاً في عدد أصوات الشعبويين اليمينيين، لماذا؟ وما زلنا نرى الحق الشعبويون واليساريون الشعبويون لماذا؟ لأن الناس يشعرون بمزيد من عدم الاستقرار في المجتمع، لأن المجتمع كان يتمتع ببنية جيدة جداً في الماضي، صحيح كانت هناك فرص أقل، ولكن في نفس الوقت كانت هناك مخاطر أقل، ويمكنني التحدث عن قصى حياتي مطولاً، أنا أنتمي لعائلة كانت من عمال مناجم الفحم.. كان والدي عامل منجم للفحم. لو كنت قد ولدت قبل خمس سنوات، لكنت أعمل في منجم للفحم، لأن كل فرد في الجيل الذي سبقنا بخمس سنوات أصبح من عمال مناجم الفحم. كان والدي عاملاً في منجم فحم، ولو أني ولدت قبل ميلادي بخمس سنوات لأصبحت عاملاً في واحد من مناجم الفحم، فكل من ولد قبلي بخمس سنوات أصبح عامل منجم فحم. كان ذلك عملاً صعباً للغاية. كان الأمر واضحاً جداً وكنت تعلم أنك إذا كبرت ستذهب إلى مناجم الفحم. ربما منت ستتزوح من امرأة من الحارة المجاورة وتنجب أطفالاً ولم تكن لتواجه أي مشاكل. الآن لدينا فرص أكثر، ولكن لدينا أيضاً المزيد من المخاطر. الآن لا تعرف ماذا سيحدث، وما هي الوظيفة التي ستحصل عليها، وكيف ستفيد من نظام التقاعد، كل هذه الأمور تجعل الناس يشعرون بعدم الاستقرار. هذا، بالإضافة إلى قضية المهاجرين القادمين من أجزاء أخرى من العالم وما يجلبونه من تحديات ومخاطر أخرى، جعل الناس يشعرون بعدم الاستقرار. اعتاد الجميع أن يعرفوا لمن سيصوتون. لقد صوتوا في المناطق الصناعية لصالح الاشتراكيين الديمقراطيين، وفي المناطق الريفية كانوا يصوتون لصالح المسيحيين الديمقراطيين، لكن الوضع اليوم أكثر انفتاحاً. في هذه الحالة، قرر الناس التصويت بشكل مختلف. في النهاية، رأينا عناوين تقول إن اليمين المتطرف فاز في ألمانيا، نعم أصبح الحزب الأكبر في اثنين من أقاليم ألمانيا الـ16، ورغم حصولهم على أكثر من 30% من الأصوات، إلا أنهم لا يستطيعون تشكيل حكومة. لذلك، على الرغم من أنني أشعر بالقلق، لكن لا ينبغي لنا أن نتظاهر بأننا خسرنا كل شيء. وقد رأينا هذا أيضاً في هولندا والنمسا وإيطاليا وفرنسا. إنه شيء لست سعيداً به، لكنني أعتقد أنه جزئياً نتيجة لعدم الاستقرار الجديد في عالم مليء بالفرص الجديدة. لذا، علينا أن نحاربه، علينا أن نتعامل معه. علينا أن نقول للناس إن السير في هذا الاتجاه ليس القرار الصحيح، لكنه أصبح واقعا على أي حال.
رووداو: سؤالي الأخير؛ هل تتفق مع أن هذه المشاكل الداخلية في ألمانيا وهذه القضايا السياسية الراهنة، إذا نظرت إليها ربما تراها مشاكل داخلية، لكنها في الحقيقة ليست داخلية فقط، بل تتعلق أيضا بسنجار والعراق وسوريا. هل تعتقد أن الإجراءات التي اتخذتها حكومتك على مدى العقدين الماضيين تسبب مشاكل الآن؟ كل الحروب في الشرق الأوسط كانت مدعومة من ألمانيا. وحتى في الماضي، باعت الشركات الألمانية أسلحة كيمياوية لصدام حسين، وتم ضرب الكورد بها. هل تعتقد أن تبعات تلك التصرفات أدت إلى بعض المشاكل التي تحاربونها في بلدكم اليوم؟
فرانك شفابة: ليس بصورة مباشرة، على الرغم من أنه كان خطأً بالتأكيد. أنا واحد من الذين حاولوا تطبيق القوانين في ألمانيا لجعل الشركات تواجه المسؤولية عن تصرفاتها في الخارج، وتجارتها مع الدول الأخرى. لقد دفعنا بعض ثمن ذلك في مرحلة الهجرة عندما كانت هناك حرب أهلية في كل مكان، حيث كنا منفتحين للغاية وسمحنا للناس بالدخول. بالطبع، جاء الكثير من الطيبين الذين فروا من داعش إلى ألمانيا، ولكن كان هناك أيضاً بعض الذين يحملون أفكار داعش، وقد أتوا، وهو أمر ليس من السهل التعامل معه. الغريب هو أن الذين يعارضون قبول المهاجرين، هم وأحزابهم في نفس الوقت يعارضون العمل مع الخارج. أعتقد أن اهتمامنا الأكبر هو أن تكون المنطقة مستقرة، وإلا فإن الناس سوف يهاجرون. يمكننا بناء أكبر جدار، لكن لا يزال بإمكان الناس القدوم. أنا هنا لدعم قضية الشعب الإيزدي وكل شخص في هذا البلد والأقليات الأخرى، وسأحمل المعلومات إلى ألمانيا لأقول دعونا لا نتوقف عن المساعدة وحل المشاكل في أجزاء أخرى من العالم. نحن نتعامل مع مشاكل بلدنا بطريقتنا الخاصة.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً