مظلوم كوباني: تطبيق العقوبات الأمريكية على تركيا كفيلٌ بإيقاف هجومها على كوردستان سوريا

06-11-2019
روژ علي زاله
مظلوم كوباني
مظلوم كوباني
الكلمات الدالة مظلوم كوباني دمشق أمريكا تركيا
A+ A-

رووداو – أربيل

أكد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم كوباني، أنه "حتى نتوصل مع الحكومة السورية إلى اتفاق، لنا شرطانِ أساسيان: الأول، أن تكون الإدارة القائمة حالياً جزءاً من إدارة سوريا عامّةً، ضمن الدستور. والثاني، أن تكون لقوات سوريا الديمقراطية، كمؤسسةٍ، استقلاليةٌ، أو يمكننا القول أن تكون لها خصوصيتها ضمن منظومة الحماية العامة لسوريا"، مبيناً أن "الحكومة السورية تريد لهذه القوات أن تنضم إلى الجيش على شكل أفراد وأشخاص وقيادات. ومن جهتنا لا يمكن القبول بهذا الشكل".

وأشار إلى أنه "ليست مهمة الحكومة السورية أن تجبر تركيا على التوقف. ليست مهمتَها، وسلاحها واستعداداتها ليست من أجل هذه المهمة، فمجيئُها إلى المنطقة الحدودية سياسيٌ لا عسكريّ"، موضحاً أن "العقوبات الحالية التي أعدّها الكونغرس إن دخلت حيزّ التنفيذ فإن تركيا ستتوقف عن الهجوم".

وعن الوجود الأمريكي في مناطق آبار النفط قال كوباني في مقابلة أجرتها معه شبكة رووداو الإعلامية إن "الكل يعلم أن أمريكا لا تحتاج إلى النفط. هم يقولون إنهم لا يريدون أن يدخل هذا النفط في يد داعش ويد النظام السوري أو القوات الأُخرى، وينبغي أن يبقى الأمريكيون هنا حتى يكونوا جزءاً من هذا التوازن".

ووجه كوباني "نداءنا إلى جميع الأحزاب السياسية الكوردية في سوريا أن تحقق وحدتها وتقف مع قوات سوريا الديمقراطية، ونتحرك سَوِيّاً، لنتجاوز هذه المرحلة بنجاح من أجل مصالح شعبنا"، موضحاً أن "موقف حكومة إقليم كوردستان وإدارة إقليم كوردستان كان إيجابياً، عبّرت فيه عن دعمها لمقاومة (قسد) وكل المقاومة الموجودة هنا في روجافا، وأملُنا هو أن تستطيع إدارة جنوبي كوردستان وخاصة الرئيس البارزاني، القيامَ بدور في هذا المجال، ويدعموا وحدة القوى السياسية الكوردية في روجافا".

وفيما يلي نص المقابلة:

رووداو: في سياق عملك النضالي استخدمتَ أكثر من اسم، مظلوم عبدي، مظلوم كوباني، أتريد أن نقول لك، مظلوم كوباني أم مظلوم كوباني؟ 

مظلوم كوباني:

أنا أستخدم اسم مظلوم عبدي، أما أنتم فأحرار.

رووداو: في الأسبوع الماضي، تحدث رئيس سوريا بشار الأسد عن روجافاى كوردستان، وعن كوردستان، ما رأيكم إزاء كلام رئيس سوريا؟

مظلوم كوباني: الحقيقة أننا كنا في انتظار أن يكون موقف الحكومة السورية أفضل، وأكثر إيجابية، لكن مع الأسف مضمون كلام رئيس سوريا، بشار الأسد، لم يكن إيجابياً، لذلك ثَمَّةَ مجالٌ لتوجيه النقد إليه. لا شكَّ أن هناك بعض الأعمال التي يمكننا أن نقيِّمها بصورة إيجابية، وهي تتمثل في موقفه إزاء قواتنا والشعب الكوردي، بأن تبقى قناةُ الحوار مفتوحةً، فذلك يتسم بالإيجابية، حيث أظهر أنهم يريدون الاتفاق مع الكورد والتحاور معهم، والوقوف إلى جانبهم، ضد الاحتلال التركي، هذا كان الجانبَ الإيجابي. أما بخصوص حلّ المسألة الكوردية، وحلّ مسألة مِنْطقة شمال وشرقيّ سوريا كلِّها، فإن موقفه لم يكن بالشكل المطلوب، بل كان ناقصاً، ولا يكفي للحلِّ. فمن أجل حلّ المسألة الكوردية وجميع المناطق التي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، على الحكومة السورية، أن تتخذ موقفاً أكثر مُقاربة وإيجابيةً وأن تخطو خطوات أكثر قوةً وجسارةً. 

رووداو: من الأمور التي ذَكرَها وشدّت انتباهي، أنه قال إننا لا نعود بصورة كاملة، إلى أن تعود الأوضاع بالتدريج إلى ما كانت عليه قبل 2011. ما رأيكم وما موقفكم إزاء تصريح من هذا النوع؟

مظلوم كوباني: موقفنا واضح، نردده باستمرار، فحتى نتوصل مع الحكومة السورية إلى اتفاق، لنا شرطانِ أساسيان: الأول، أن تكون الإدارة القائمة حالياً جزءاً من إدارة سوريا عامّةً، ضمن الدستور. والثاني، أن تكون لقوات سوريا الديمقراطية، كمؤسسةٍ، استقلاليةٌ، أو يمكننا القول أن تكون لها خصوصيتها ضمن منظومة الحماية العامة لسوريا. لسنا ضدّ أن نكون جزءاً من منظومة الحماية لسوريا عامّةً، لكنْ يجب أن تحافظ قوات سوريا الديمقراطية على خصوصيتها، وبالتأكيد فإن المسألة الكوردية هي مسألة أساسية، حيث يجب أن تكون حقوقُ الكوردِ، جميعُ حقوقِ الكوردِ، محفوظةً ضمن دستور سوريا.

رووداو: بخصوص مسألة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، أشار رئيس سوريا بشار الأسد إلى أن هناك بعض الخرائط، واسم كوردستان، وأن ذلك غير مقبول، لأنه ضد وحدة الأراضي السورية. أأنتم تصرّون على وجود اسم كوردستان سوريا؟

مظلوم كوباني: هذا هو المهم، فهنا الشعبُ الكوردي، والأرض التي يعيش عليها، وأيضاً توجد مناطق للكورد، وعلى الحكومة السورية أن تقبل بذلك. فلا يجوز أن يقال إن هناك شعباً كوردياً لكنْ ليس له أرضٌ. هناك مناطق للكورد. مناطق يعيش فيها الكورد. ثَمّةَ مناطق يعيش فيها 90% من الكورد. هذه المناطق هي للكورد، واسمها كوردستان.

رووداو: بما أن قوات سوريا الديمقراطية قواتٌ منظَّمة، فإن الحديثَ يدور حول استحسانِ روسيا لأن تكون تلك القوات جزءاً من منظومة الجيش السوري، جيش الدفاع السوري، أنتم  كيف تنظرون إلى ذلك، بأن تكون قوات سوريا الديمقراطية جزءاً من منظومة الدفاع السورية عامة؟

مظلوم كوباني: كما ذكرتُ سابقاً، موقفنا واضح، ونقول أن تحافظ قوات سوريا الديمقراطية، على وجودها التنظيمي العسكريِّ، وفي هذه المناطق التي تنتشرُ فيها، جميعِ مناطقِ شمال وشرقيِّ سوريا، تؤدي واجبها، واجبَ حماية هذه المناطق، كجزء رسمي من الجيش السوري، هكذا ننظر إلى المسألة. هذه مقاربتنا لها. لكنّ الحكومةَ السورية تفكر بطريقة مختلفة، فهي تقبل أن تكون قوات سوريا الديمقراطية جزءاً من الجيش السوري عامةً، لكنْ دون أن تكونَ لهذه القواتِ خصوصيتُها. دون أن تكون لها خصوصيتها واستقلالتها العسكرية. فالحكومة تريد لهذه القوات أن تنضم إلى الجيش على شكل أفراد وأشخاص وقيادات. ومن جهتنا لا يمكن القبول بهذا الشكل.

رووداو: يدور الحديث حول انضمامكم كفيلق خامس إلى الجيش السوري. أريد أن أسأل عن رؤيتك بخصوص ذلك، وفي الوقت نفسِه، ما رأي الروس في ذلك، هم ماذا يقولون؟

مظلوم كوباني: الفيلق الخامس موجود. وهو فيلق خاص ضمن الجيش السوري. إذا كنا نريد أن ننظِّم قوات سوريا الديمقراطية بصورةٍ مستقلة، فإنها قد تشكل فيلقاً مستقلاً، أو فيلقينِ مستقلينِ، لأن عدد قوات سوريا الديمقراطية مع القوات الأمنية الأُخرى يتجاوز مئةَ ألفٍ، فهي قوة ضخمة، وقد تشكل فيلقينِ إذا انضمت إلى الجيش السوريِّ. أعتقد أن القوات الروسية، أو أن الروسَ أنفسَهم ليسوا واضحين كثيراً في هذه الموضوع. فهم لا يفكّرون مثل الحكومة السورية، إنهم لا يريدون تدهورَ الوضعِ العسكريِّ وضَعفَه، ولا يريدون حدوث فوضى زائدة، لكن ليس لهم رؤية واضحة تماماً، ولا تزال بيننا وبينهم لقاءات مستمرة، ولم نتوصلْ بَعْدُ إلى حلِّ.  

رووداو: هل كانت لكم مباحثات جادّة مع سوريا، بمعنى مباحثات جادّة مع المسؤولين في حكومة بشار الأسد؟

مظلوم كوباني: بلا شك، فإن لقاءاتنا مع الحكومة السورية، منذ اليوم الأول، جادّة. وأعتقد أن هذه اللقاءات تدخل في مصلحة الطرفين، مصلحةِ الحكومةِ السوريةِ ومصلحتِنا أيضاً. حتى الآن، منذ بدء الأزمة السورية في عام 2011، حتى يومنا هذا، نحن نعتقد أن لقاءاتِنا مع الحكومة السورية، كانت تتخللها اتفاقاتٌ أحياناً وأحياناً كانت تَظْهَرُ خلافاتٌ، لكنَّ ذلك كلَّه كان من مصلحة الطرفين، مصلحةِ الشعبِ الكورديِّ ومصلحةِ الحكومةِ السوريةِ. فإذا كانت سوريا، كدولةٍ، لم تَسقُطْ، حيث بقيت مؤسسات الدولة قائمةً في كل مكان. فلقاءاتنا مع الحكومة السورية، وعَدَمُ معاداتِـنا بعضِنا مع بعضٍ، في كثير من المرّات، فإن ذلك سببٌ رئيسٌ لهذه الحالة، ويُفترَض أن ترى الحكومة السورية ذلك. فوجود قوات سوريا الديمقراطية، وجود حركة التحرر الكوردية في روجافاى كوردستان، في إطار سوريا عامّةً، كان سبباً رئيساً لأن تَـبْلُغَ سوريا هذا اليومَ، ولا تحقق الجماعاتُ الإرهابيةُ والمعاديةُ المرتبطةُ بالخارجِ، أهدافَها. على الحكومة السورية أن ترى ذلك بشكل جيد، ونحن على ثقةٍ بأن النضال الذي خاضته قوات سوريا الديمقراطية، النضال الذي خاضته كلّ حركة التحرر الكوردية في روجافاى كوردستان، قد وضع أساساً متيناً للفترة القادمة لأن نتفق نحن والحكومةُ السورية.

رووداو: أشرتَ إلى أنّ لكم مباحثاتٍ مع الروس أيضاً، فهل عرضتم مشروعاً على الروس والتباحث معهم على مشروعٍ معيّن؟

مظلوم كوباني: حالياً نعمل على المشروع العسكري. فبعد أن انسحبت القوات الأمريكية من بعض المناطق، حدثَ فراغ، أرادت الدولة التركية أن تحتل تلك المناطق، وحتى لا يحدث فراغ كهذا، جرت لنا لقاءات مع الروس، ولا تزال مستمرة. وقد اتفقنا عل بعض الموضوعات العسكرية. كما تعلمون، عُقِدت اتفاقية بين الدولتين الروسية والتركية، وكانت لنا ملاحظات على تلك الاتفاقية، حيث رأينا أن بعضَ بنودِها ليست صائبة، وتباحثنا نحن والروسُ بخصوصها كثيراً، وأبدينا لهم ملاحظاتنا. وهم أيضاً دققوا في بعض الأمور. الآن، يمكننا القول إنه من الناحية العسكرية قد حدث اتفاقٌ واضحٌ بيننا وبين الروس، حول كيفيةِ التعامل فيما بيننا، كيفيةِ الوقوف في وجه الاحتلال التركي، كيفيةِ بقاء الروس هنا، والتنسيقِ والتعامل مع قواتنا. فقد توضحت هذه الأمور، وكلما مضى الوقت تتوضح أكثر. لا توجد مشكلة من هذه الناحية. هناك تطور. أما من الناحية السياسية فليس ثمة شيءٌ واضح بَعْدُ. الدولة الروسية جادّةٌ في أن تتوسط بيننا وبين الحكومة السورية لبدء عملية مباحثات، وهي جادّة في بذل جهودها لتحقيق توافقٍ بيننا.

رووداو: ما هي النقاط التي كانت لكم ملاحظات عليها، بخصوص اتفاقية سوتشي ما بين روسيا وتركيا، وكنتم غير راضين عنها؟ وعندما أخبرتم الروس، ماذا كان ردُّهم؟

مظلوم كوباني: في الأساس، كانت ملاحظاتنا في ما يتعلق بشعبنا، بحيث أنه كان سيبقى دون حماية. تلك الاتفاقية التي عُقِدَتْ كان فيها خطورة أن يبقى شعبُنا دون حماية، أو أن تقع المناطق الكوردية في أيدي مَن لا يحمون شعبنا أو لا يراهم شعبُنا قوةَ حماية له. كان الأمر يتعلق بهذا الموضوع، وقد أبدينا تحفُّظاتنا في هذا المجال، وقلنا لا نستطيع أن نسلّم حماية شعبنا لأيدٍ غريبةٍ أو لمن لا يراه شعبُنا حامياً له، لذا لا بد من حلّ هذه المسألة، وأستطيع القول إنه من الناحية العملية قد عولجت هذه المسألة.

رووداو:بحسب الاتفاقية، ما عدا قامشلو، يجب أن تنسحب قوات سوريا الديمقراطية، إلى عمق اثنين وثلاثين كيلومتراً. فهل انسحبت قوات سوريا الديمقراطية إلى هذه المسافة، فتركيا تدّعي أن هذه القوات لا تزال في بعض المناطق، بحيث تنسحب قواتكم إلى اثنين وثلاثين كيلومتراً ويتم تسيير دوريات في عمق عشَرةِ كيلومترات. هل ستبقى الإدارة الذاتية في تلك المناطق؟ هل الروس راضون عن ذلك؟ ما المباحثات في هذه الخصوص؟

مظلوم كوباني: كانت الاتفاقية الروسية-التركية في أغلبها على الجانب العسكري، بحيث تنسحب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بشكل رسمي من هذه المناطق. أستطيع القول إن (قسد) حققت ذلك كلَّه، ولم تَــعُد هناك مشكلة تتعلق بتطبيق تلك الاتفاقية عملياً من الناحية العسكرية، وكما ذكرتُ، لا نترك شعبَنا دون حماية ولا تبقى أيُّ مناطقَ لنا دون حماية. الحماية الجوهرية لشعبنا. ولكن بصورة رسمية، فإن قوات سوريا الديمقراطية، استقرَّت في ما بعدَ مسافة اثنين وثلاثين كيلومتراً، وقد اتفقنا مع الروس على ألّا يُترَكَ شعبُنا دون حماية. أستطيع أن أفصح عن ذلك بهذا القدر. في ما يتعلق بالإدارة الذاتية، فإن ذلك لا يدخل ضمن المباحثات، فهي ستواصل عملها كالسابق. 

رووداو:تركيا تقول إن قوات سوريا الديمقراطية، لا تزال موجودةً في بعض المناطق، على سبيل المثال تل رفعت ورأس العين، ويجب أن تنسحب منها، وإلّا فإنها ستواصل عمليتها العسكريةَ، فهل انسحبت قواتكم من رأس العين وتل رفعت؟

مظلوم كوباني: لا، لا توجد قوات سوريا الديمقراطية في تلك المناطق. وأستطيع القول إنه لا توجد هناك وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) أيضاً. تلك القوات التي تتحدث تركيا عنها، ليست هناك. ليس أنها انسحبت فحسب، بل إنها لا توجد هناك. لا توجد. فبعد احتلال عفرين بدأت هناك مرحلة جديدة، وتشكلت قوات عسكرية جديدة، لها تنسيقات مع الروس، مع القوات الأخرى الموجودة هناك، وتُواصلُ عملَها. إلا أني أستطيع التأكيد أنها ليس قوات سوريا الديمقراطية ولا هي وحدات حماية الشعب ولا هي وحدات حماية المرأة. إنها قواتٌ أُخرى تسيّرُ أعمالَها.

رووداو: ما القواتُ الأُخرى؟

مظلوم كوباني: هي تسمّي نفسَها، هناك قوات تحرير عفرين، وقواتٌ بأسماء أُخرى. لكنْ بالتأكيد هي ليست قوات سوريا الديمقراطية.

رووداو: يقول الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إن عملية وقف النار في سوريا بصورة عامة ناجحة، وتمّ تحقيق ذلك، لكنْ هنا تجري معارك بشكل يومي، فقبل أيام كنتُ في تل تمر، وكانت هناك معارك. أنتم ماذا تقولون عن عملية وقف إطلاق النار، هل هي ناجحة أو ماذا قلتم للأمريكيين؟

مظلوم كوباني: لا، عمليةُ وقفِ إطلاق النار غيرُ ناجحة، فهي لم تتحقق. الدولة التركية لم تحترم تلك العمليةَ ساعةً واحدةً فحسبُ، بل إنها مستمرة في هجماتها، وحتى أمس وفي هذا الصباح أيضاً كانت هجماتُها مستمرة، هناك قصفٌ مدفعي وقصف جويّ على قواتنا، وفي بعض المناطق دخلت قوات الحكومة السورية بيننا وبين القوات التركية، فوجهوا ضرباتهم إلى قوات الحكومة السورية أيضاً، أسَرُوا منهم وقتلوا. فالدولة التركية تواصل هجماتها، وهي لا تُخفي ذلك، بل تعلن أنها في تقدم وأنها سيطرت على كذا قرية وكذا منطقة. لذلك فإن معلومات أمريكا غير دقيقة. وبيننا وبين الأمريكيين غرفُ عمليات مشتركة، وهم يعلمون ذلك جيداً، على هذا النحو. وعلى هذا الأساس يرفعون التقارير لحكومتهم بأن تركيا لا تحترم وقف إطلاق النار، وتواصل هجماتها وتقتل المدنيين وتستهدف كلّ أحدٍ، وهذا أمر معلوم ومتواصل، لذلك طلبنا من أمريكا بصورة رسمية أن اتفاقية وقف النار التي عقدتها مع تركيا وكانت هي ضامنةً لها، وعليها أن تقوم بواجبها، وتوقفَ تركيا، فإنْ هي لا توقفْها فلا بد أن تضع تلك العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على تركيا في حيز التنفيذ. هذا ما ينبغي على أمريكا القيام به حالياً، وأن تجبر تركيا على التوقف.

رووداو: بخصوص تل تمر، حيث كنتُ هناك قبل أيام، رأيت أن قوات الحكومة السورية هناك، لكن يُرى أنها ليس لديها سلاح كثير يمكّنها من الدفاع عن القرى والمناطق، برأيكم هل تستطيع قوات الحكومة السورية أن تدافع عن تلك المناطق التي انتشرت فيها؟ 

مظلوم كوباني: في الأساس، ليست مهمة الحكومة السورية أن تجبر تركيا على التوقف. ليست مهمتَها، وسلاحها واستعداداتها ليست من أجل هذه المهمة، فمجيئُها إلى هذه المنطقة سياسيٌ لا عسكريّ. هي جاءت بضمانة روسية، وتركيا تقول إن قوات سوريا الديمقراطية هناك وسنهاجمها، لكننا اتفقنا مع الروس، على تدخل قوات الحكومة السورية بصورة رسمية في حدودِنا، جميعِ حدودِنا، لا تل تمر وحدَها، وأن تستقرَّ هناك وتكون في مواجهة تركيا. فإن احترمت تركيا اتفاقيتها مع روسيا، فلا بد ألّا تهاجم على قوات النظام السوري، قوات الحكومة السورية. فإن كانت لا تحترم الاتفاقية فإنها ستهاجم. طبعاً، قوات الحكومة السورية بقوتها العسكرية ليست في مستوى أن تواجه القوة العسكرية لتركيا، بدباباتها وطائراتها. ليس المقصد من المسألة أنْ تصُدَّ تركيا، لكنها ذاتُ جانب دبلوماسي وسياسي. فإن لم يتحقق ذلك فإن المسؤولية تقع على عاتق الروس وعليهم أن يقوموا بمسؤوليتهم. 

رووداو: تجري المعارك في تل تمر، وتل تمر تقع ضمن المنطقة الآمنة، أنتم هل ستبقون في تل تمر أم ستنسحبون؟ ولماذا صارت تل تمر هذه القضية الكبرى؟ لماذا تجري هذه المعارك في تل تمر، في حين أن المناطق الأخرى تشهد هدوءاً؟ لماذا تل تمر؟

مظلوم كوباني: هدف الدولة التركية أن تسيطر على تل تمر. لأنها منطقة إستراتيجية، تمرُّ منها كل الطرق، وتل تمر بحدِّ ذاتها سوريا صغيرة، فيها كورد، مسيحيون، عرب، وتُعرف بأنها مدينة مسيحية أيضاً، لكنْ فيها مكوناتٌ أُخرى، لذلك هي ذات أهمية بالنسبة إلينا. طبعاً تريد الدولة التركية أن تسيطر عليها. وهي خارج الاتفاقية. خارج اتفاقية أمريكا وتركيا وخارج اتفاقية روسيا وتركيا. وبحسب الاتفاقية المُبرَمة يجب أن تكون القوات التركية بعيدة عن  تلك المنطقة، لكنهم يريدون السيطرة عليها حتى يفرضوا نفوذهم عليها، ولهذا فإن القوات التركية منذ مدة تواصل هجماتها للسيطرة على هذه المدينة، وقواتنا مضطرة أن تدافع عن تلك المنطقة.  حالياً تنتشر قوات الحكومة السورية هناك أيضاً، لكنها غير كافية لأن توقف هجمات القوات التركية، فتضطر قواتنا والقوات الآشورية السريانية المسيحية هناك، أن تتعاون فيما بينها مع الحكومة السورية لصدّ تقدم الجيش التركي.

رووداو: ما هذه الاتفاقية التي تعقدها أمريكا وتركيا، روسيا وتركيا، وتعلن وقف إطلاق النار، ثم خرقها؟ أنتم ماذا تقولون لأمريكا وروسيا؟ فما أعلمه أنكم ملتزمون وقفَ إطلاق النار، وسحبتم قواتكم، لكن تركيا بالمقابل تواصل هجماتها تلك. ماذا تقولون لأمريكا وروسيا؟

مظلوم كوباني: هذا ضعفٌ لموقف أمريكا وروسيا معاً. عقدت أمريكا اتفاقية مع تركيا، وكان يفترض أن يدوم وقف إطلاق النار مئةً وعشرين ساعةً، ونحن سحبنا قواتِنا من رأس العين. وبحسب تلك الاتفاقية، كان ينبغي أن تكون قواتنا في مناطقها، أي أن تكون كل القوات في أماكنها. وكنا قد وعدنا بأن تنتشر قواتنا في جنوبي منطقة الطريق الدَّولي (M4)، وفي غربيّ تل أبيض وشرقيّ سرى كانيى، حيث يتم وقف إطلاق النار في المكان الذي توقفت فيه الجبهة. وعلى هذا الأساس وبهذا الشكل وُضِعت الخرائط وأُعِدّت وقُدّمت لأمريكا ولجميع الأطراف، وتمّ قبولها. إلا أن الدولة التركية لم تحترم ذلك، وحتى اليوم هي تواصل هجماتها، وأمريكا تعلم أن الدولة التركية تخترق تلك الاتفاقية. فهذا ضعفُ منهم. أي عدم التزامهم بالاتفاقية التي أبرموها مع الدولة التركية، ونحن نقول لهم ذلك وهم يقبلونها منّا. لكنْ لأمريكا طريقة لوقف هذا القتال، فهي تقول إنها ستفرض عقوبات اقتصادية على تركيا ويجب أن تُدخل تلك العقوبات حيز التنفيذ حتى توقف تركيا هذا القتال. 

رووداو:عندما تناقشون الأمريكيين بأن اتفاقيتهم لوقف إطلاق النار قد تم خرقها، ما هو ردّهم لكم؟ أنتم هنا تمثلون شعباً، ويجري الحديث حول قتال يكون فيه المدنيون ضحايا. ماذا يقول الأمريكيون لكم؟
مظلوم كوباني: جوابهم ضعيف، يعكس ضعفَ موقفهم. هم يقولون نعم صحيح، نحن أيضاً نرى، وجنودهم هناك أيضاً يشهدون ما يجري. ويظلون يقولون إننا نمارس الضغط على الدولة التركية، لتتوقف، وإننا أخبرناها إنْ لم تتوقف فإننا سنطبق عليها العقوبات الاقتصادية.  فمن حيث المضمون موقفهم ضعيف، لأن أمريكا إن أرادت فإنها تستطيع أن توقفها.

رووداو: تحدثتَ بأن أمريكا تفرض عقوبات اقتصادية على تركيا، برأيكم هل لتلك العقوبات تأثير على تركيا، وسابقاً هل كان لها تأثير وحالياً هل تعتقدون أن العقوبات الاقتصادية تُحدث تغييراً؟

مظلوم كوباني: برأينا، كان ينبغي ألا يكونَ الموقف الأمريكي على هذا النحو ولا يكونَ الموقف الأمريكي من خلال العقوبات الاقتصادية على تركيا. بل كان على أمريكا أن تستخدم ثقلها في ذلك وتقول لتركيا إنكم لا تستطيعون الهجوم. وكانت كلمة واحدة من الرئيس ترمب كافية لأن يقول لأردوغان لا تهاجم، فكان سيتوقف عن الهجوم. لكن أمريكا لم ترغب في الإساءة إلى علاقتها ومصالحها مع تركيا، وعندما قارن بين مصلحة الشعب الكوردي ومصلحة التُّرك، فقد اختار تركيا ولم يختر الشعب الكوردي، لهذا اتخذت أمريكا لنفسها هذه الطريقةَ، طريقةَ العقوبات الاقتصادية. لكن العقوبات الاقتصادية أيضاً لها تأثيرها. فالاقتصاد التركي ضعيف جداً، والعقوبات الحالية التي أعدّها الكونغرس إن دخلت حيزّ التنفيذ فإن تركيا ستتوقف عن الهجوم. وهذا أيضاً مجال نقدٍ موجّه لأمريكا. الأمريكيون يقولون إن شنَّت تركيا هجوماً أكبر فإننا سنطبق هذه العقوبات، وتركيا شيئاً فشيئاً تتقدم في هجماتها. فأمريكا لا ترى ما يجري حالياً سبباً لتطبيق العقوبات، وهذا موضعُ نقدٍ نوجّهه لأمريكا. فنحن نقول للأمريكيين إن كنتم اتخذتم هذا النهج سبيلاً لكم، فإن تركيا تخرق الاتفاقية وتواصل هجماتها، وينبغي أن تُدخلوا تلك العقوبات حَيِّزَ التنفيذ. هذا ما نقوله. وتطبيق هذه العقوبات عملياً يكفي لأن يردع تركيا ويوقفها في مكانها.

رووداو: تقول أمريكا إنها تريد أن تعود إلى روجافاى كوردستان لحماية آبار النفط، لكنها إلى جانب حماية آبار النفط تصحب معها الدبابات إلى روجافاى كوردستان، ما رأيكم في ذلك؟ هل تعود أمريكا إلى روجافى كوردستان لحماية آبار النفط فحسب؟ فإن كان من أجل الحماية، فما الحاجة إلى الدبابات، في حين أن داعش لم يعد هناك حتى يسيطر على آبار النفط؟ لماذا هذه العودة؟

مظلوم كوباني: المسألة في جوهرها كانت كذلك، فقد قررت أمريكا الانسحاب، وهذه هي المرة الثالثة أنها تقرر الانسحاب. المرة الثالثة. والرئيس ترمب كان قد قرر سحب قواته وبدأ بسحبها من منطقة كوباني، منبج الطبقة، الرقة وغيرها. لكنْ فيما بعد حدث ضغط شديد على إدارة الرئيس ترمب، وقف الكونغرس ومجلس الشيوخ ضد القرار. أصدقاؤنا الأمريكيون من العسكريين والسياسيين وقفوا ضد إدارة ترمب، تعرضت سُمعة الرئيس ترمب للخطر. أصدقاؤنا الآخرون في التحالف الدَّولي وقفوا ضد القرار، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا وغيرها. الأكثر أهمية أن قواتنا قاومت، فقد كانت ثمة مقاومة، فلم يحدث ما كانوا يأملون بأن نسلّم المنطقة لتركيا أو غيرها. تبين أن قتالاً شديداً سينشب، وستدوم المسألة أكثر، وفي النتيجة ستكون من مسؤولية أمريكا، خاصة أن هناك خطرَ إبادةِ الشعب الكوردي، ليس التغيير الديموغرافي فحسب، بمعنى ألا يكون الشعب الكوردي على أرضه، ويجري التطهير العرقي، فهناك خطر كبير من هذا النوع، وهذه كانت من الأسباب التي جعلت الرأي العام الأمريكي والساسةَ الأمريكيين يمارسوا الضغط على الرئيس ترمب حتى يعيد النظر في قراره، لذلك تراجعت أمريكا خطواتٍ في قرارها، وقدمت مشروعاً جديداً في شرقي سوريا بأن تبقى قواتها هناك، والسبب الرئيس، ليس هو النفط طبعاً، الكل يعلم أن أمريكا لا تحتاج إلى النفط. هم يقولون إنهم لا يريدون أن يدخل هذا النفط في يد داعش ويد النظام السوري أو القوات الأُخرى. لكنْ، تحت تأثير ذلك الضغط الشديد، كان يفترض أن تبقى القوات الأمريكية، فوجدوا لذلك سبباً جديداً حتى يعاد النظر في القرار. ونحن نعلم أيضاً أن سبب بقاء القوات الأمريكية ليس هو النفط، ولن يكون النفطَ، فلا علاقة لأحدهما بالآخر، وقد حدث توازن جديد. ينبغي أن يبقى الأمريكيون هنا حتى يكونوا جزءاً من هذا التوازن. لكن أيضاً، سيتم تخفيف ذلك الضغط الشديد على الإدارة الأمريكية، لذلك ستبقى قواتها هنا. ولا نعلم إلى متى يدوم هذا القرار. هذا رأينا الرئيسُ، ونكرر دائماً أننا لا نقول أن تبقى القوات الأمريكية هنا دائماً وتحمينا دائماً، لم نقل ذلك للقوات الأمريكية ولا لغيرها. نحن نقول أن تبقى هذه القوات الدولية التي جاءت إلى سوريا إلى حين الوصول إلى حلّ، ووضع دستور جديد وتتشكل إدارة جديدة في سوريا، حينها تنتهي مهمة تلك القوات، ويمكنها أن تنسحب. نكرر أيضاً،  فإن القوات الباقية، وهذه هي المرة الثالثة التي تُقرّر فيها الانسحاب ثم تعود. والأكثر صواباً هو أن تقول هذه القوات إننا هنا حتى يتم التوصل إلى حلٍّ في سوريا وتتوصل المكونات السورية فيما بينها إلى اتفاق وتتفق على دستور معين، وعلى نظامٍ إداري معين، حينها ستنتهي مهمتنا ونذهب. هذا ما نريده حالياً.

رووداو: ما عدد القواعد الأمريكية هنا، بعد أن قررتْ للمرة الثالثة أن تنسحب ثم تعود، ما عدد قواعدها حالياً؟ وسابقاً صرّح بعض المسؤولين من روجافاي كوردستان بأنهم يطلبون من أمريكا أن تبين بقاءها هنا، وفي حين عودتهم للمرة الثالثة هل تباحثتم معها بخصوص هدفهم من العودة، أم أنه كان مجرد تحليل من قِبلكم بخصوص عودة أمريكا هذه المرة أيضاً؟ هل هناك ضمانة بألا تنسحب القوات الأمريكية من هنا فجأة؟

مظلوم كوباني: في هذا الصباح كان لنا اجتماع مع الأمريكيين، وتحدثنا في هذا الموضوع. وكان هذا هو حديث الساعة. أما بخصوص سبب بقاء الأمريكيين فإنهم أعلنوا ثمانية موادّ لبقائهم، لا أريد أن أسردها الآن. أخبرونا عن أسباب بقائهم وأين سيقيمون وفي كم منطقةٍ سيكونون. هذا بالاتفاق مع قواتنا. كما أنها انسحبت من بعض المناطق، في الجهة الغربية من مناطقنا. لا تزال لهم قوة في كوباني. المناطق الأخرى في شرقيّ سوريا، تمتد من دير الزور حتى سيمالكا، فإنها تنتشر هناك، في أماكنها السابقة وكذلك ستنشئ لنفسها مقرّات في أماكن أُخرى، مثل ديرك وغيرها. فانتشار القوات الأمريكية سيكون بحسب هدفهم. وكما قلتُ سابقاً، فإن الهدف العسكري لوجودهم واضح. أما بخصوص تحركات القوات الأمريكية هنا، فهي أيضاً معلومة، إنها ستتحرك بالتنسيق مع قواتنا، وهي لا تتحرك وحدَها. لها أهداف سابقة ولا تزال، مثلاً تتعاون مع قواتنا لحماية السجون التي فيها عناصر داعش، وكذلك حماية المخيمات، إضافة إلى أن لهم برامج معونات لأبناء المنطقة، سيواصلونها، وكذلك تدريب قوات سوريا الديمقراطية، ومواصلة مساعدتها، واستمرار العمل المشترك ضد داعش، في المجال الجويّ، حيث ستكون القوات الأمريكية مسيطرة على أجواء كثير من المناطق، ولهم هدف آخر هو حماية آبار النفط.   

رووداو:من بين ذلك جميعاً، هل هناك وعدٌ سياسي تكونون راضين عنه، بحيث أعطتكم أمريكا وعداً سياسياً هذه المرة، ما عدا الجانب العسكري ومساعدة قوات سوريا الديمقراطية؟ فقبل أيام، أعتقد أن إلهام أحمد طالبت أمريكا بإغلاق المجال الجوي أمام القوات الجوية للدول الأخرى وتركيا. هل هناك شيء من هذا القبيل؟

مظلوم كوباني: لا. فمن الناحية السياسية نحن ننقد موقف أمريكا. لا، لا. فهذه خمسة أعوام أمريكا هنا،  ونحن ننقدها، ولا يزال نقدنا لأمريكا مستمراً. وحتى الآن قام الأمريكيون بدورهم العسكري ولم يقوموا بدورهم السياسي، وهذا هو مجال النقد الموجّه لهم. كما تعلمون، حالياً هناك محادثات جنيف، وحل مشكلات سوريا على المستوى الدَّوْليّ، ونحن قلنا لهم أن يمارس الأمريكيون من جانبهم ضغطاً ليكون ممثلو شمال وشرقي سوريا أيضاً ضمن هذه المحادثات، وحتى الآن أعطوا بعض الوعود، لكنهم عملياً لم يَفوا بوعودهم. وهذه كلها موضوعات للنقد، ونحن نواصل نقدنا لهم حتى يقوموا بدورهم في المجال السياسي.

رووداو:.كنت تتحدث عن الاتفاقيات والمحادثات الدولية. فما هو موقف أمريكا، إنْ كانت قد وعدتكم بخصوص مشاركة ممثلي قوات سوريا الديمقراطية في تلك المحادثات؟

مظلوم كوباني: وعدونا بأن يكون بعض ممثلي شمال وشرقي سوريا مشاركين في اللجنة الدستورية والمحادثات التي تجري في جنيف. لكنْ لم يفوا بوعدهم. ونحن أيضاً نمارس عليهم ضغطنا حتى يفوا بوعدهم.

رووداو: في ما يتعلق بالمباحثات مع دمشق، ما دور الأحزاب الكوردية، ومشاركتها معكم في تلك المباحثات، أو ماذا كان دورها في هذا المجال؟

مظلوم كوباني: الحقيقة، توجد حالة من هذا القبيل، فنحن نناقش الموضوعات مع كل الأطراف، حتى أننا أبرمنا بعض الاتفاقات العسكرية أيضاً. نحن – قوات سوريا الديمقراطية- نجري محادثات مع الجميع، مع الأمريكيين، مع الروس، مع الحكومة المركزية في دمشق، ونريد أن تكون الأحزاب الكوردية في روجافا أيضاً مساهمة فيها وتكون جزءاً منها، ولأجل ذلك، فقد أجرينا عدة لقاءات في الفترة الأخيرة مع جميع أحزاب روجافا، وعقدنا اجتماعات، واطّلعنا على آرائها وطلبنا منها أن تحقق وحدتَها، أن تشكل لنفسها مرجعيةً، لتستطيع أن تتحرك مع قوات سوريا الديمقراطية. اليوم، في روجافا، نحن في مرحلة تاريخية حساسةٍ، يمكن أن نمضي نحو حلٍّ طويل الأمد، ويمكن أن نخسر مكتسبات الثورة أيضاً. هناك هذان الاحتمالانِ في هذا الظرف الحساس. في هذه المرحلة نوجه نداءنا إلى جميع الأحزاب السياسية الكوردية في سوريا أن تحقق وحدتها وتقف مع قوات سوريا الديمقراطية، ونتحرك سَوِيّاً، لنتجاوز هذه المرحلة بنجاح من أجل مصالح شعبنا، وقد كانت مواقف الأحزب جميعِها إيجابيةً، ونأمل أن تخطوَ خطواتٍ عمليةً وتُحقِّق وحدة فعلية حتى نستطيع العمل معاً. 

في هذا المجال، أريد أن أتحدث عن جنوبي كوردستان، لأن له دوراً في ذلك. الحقيقة أن دور أهلنا في جنوبي كوردستان كان إيجابياً جداً، كلّ مدن جنوبي كوردستان، هناك أبدَوا موقفهم، فشعبنا هناك ساندَ مقاومة (قسد) ضد الاحتلال التركي، خرج الناس إلى الشوارع، قاطعوا الاقتصاد التركي، استقبلونا بحرارة. وبهذه المناسبة نتوجه بالشكر إليهم جميعاً، فكل ما جرى هناك هو موضع فخر واعتزاز لنا. كذلك كان موقف حكومة إقليم كوردستان وإدارة إقليم كوردستان إيجابياً، عبّرت فيه عن دعمها لمقاومة (قسد) وكل المقاومة الموجودة هنا في روجافا، أظهرو دعماً قوياً. ونتوجه إليهم بالشكر. لكننا نقول إن الخطر لا يزال قائماً، ولا يزال الخطر على روجافاى كوردستان قائماً. فالدولة التركية لا تهدف إلى إنهاء مكتسبات الثورة فحسب، بل إنها تريد إنهاءَ الشعب الكوردي، إنهاءَ وجود الشعب الكوردي في هذه المنطقة. ومن أجل ذلك، لا بد من مواصلة الدعم أكثر، فضعف روجافاى كوردستان هو ضعف لجنوبي كوردستان أيضاً، سيكون لذلك تأثير على جنوبي كوردستان أيضاً. كذلك فإن قوة روجافاى كوردستان هي قوة لجنوبي كوردستان. أملنا هو أن يستمر هذا الدعم أكثر مما كان في السابق، حتى نستطيع بلوغ هدفنا في حماية مكتسبات الثورة في روجافاى كوردستان. ولتوحيد صفوف الحركة السياسية في روجافاى كوردستان، فإن لجنوبي كوردستان دوراً، خاصةً للرئيس البارزاني دورٌ، أملُنا هو أن تستطيع إدارة جنوبي كوردستان وخاصة الرئيس البارزاني، القيامَ بدور في هذا المجال، ويدعموا وحدة القوى السياسية الكوردية في روجافا، وأن نقف معاً على هذا الموضوع ونزيد المقاومة القائمة قوةً، لِـتُزالَ المخاطرُ عن شعبنا، مخاطرُ إنهاءِ وجود الشعب الكوردي في روجافا، كذلك لنبلغ أهدافنا.

رووداو: ما الأمر الذي يمكن لجنوبي كوردستان القيام به ولم يقم به؟ الأحزاب السياسية في جنوبي كوردستان، حكومة إقليم كوردستان، ماذا يمكنها القيام به حتى يكون لها دور في وقف القتال، أو الإصلاح ما بين الأحزاب الساسية المختلفة في روجافاى كوردستان؟

مظلوم كوباني: من الناحية الشعبية جرى عمل كثير. وهو محلّ شكر. طبعاً ينبغي أن يستمرَّ أيضاً،  ليرى العالَـم أن الكورد يدٌ واحدةٌ. ومشكلة روجافاى كوردستان ليست مشكلة طرف معين أو قوةٍ بحدِّ ذاتها، بل إنها مشكلة الكورد جميعاً. ولهذا فإن موقف الأجزاءِ الثلاثةِ الأخرى، وبشكل خاص موقف جنوبي كوردستان، مهمٌّ في هذا المجال، ولهذا ينبغي أن يكون موقفه الشعبي أقوى وأكبر ومتواصل،  كذلك إدارة جنوبي كوردستان لها مكان واضح في الدبلوماسية العالمية، وعلاقاتها الواسعة، ونعلم أنها أدّت في هذه المرحلة دوراً مسانداً لشعب روجافا، لكننا نريد أن تكون تلك المساندة أشدَّ وأكبر، ونزداد مواصلةً في ذلك، لأن بقاء الخطر يفترض مواصلة هذا الدور بشكل أكبر. فهناك أطراف تـنصت إلى إدارة جنوبي كوردستان،  وحتى تتوحد قوى روجافا، فإن لإدارة جنوبي كوردستان دوراً كبيراً.

رووداو: نريد أن نتحدث عن موضوع داعش. فقد كان لكم دور بارز في الكشف عن مكان (أبو بكر البغدادي) وتصفيتِه. طُرحت أسئلة كثيرةٌ لا أريد تكرارها، لكن أتوجه إليك بسؤال، إنْ لم تكن أمريكا قادرة على المشاركة في تلك العملية، بسبب انسحاب قواتها، وكانت لديكم معلومات عن مكان وجود (أبو بكر البغدادي)، ماذا كان بإمكانكم القيام به وحدَكم في هذه الحالة؟ ماذا كنتم تنوون القيام به؟ بماذا كنتم تفكرون في ذلك الوقت؟

مظلوم كوباني: الحقيقة أنها كانت عملية مشتركة. لا نحن وحدَنا كنا قادرين على القيام بها، ولا كانت أمريكا قادرة على القيام بها وحدَها. فقد كان يجب أن نوحد موقفنا أو أن نوحد عملنا حتى نتمكن من إنجاح تلك العملية. لقد كنا على علم بمكان وجود البغدادي، وكنا نعرف مكانه والبيت الذي كان يقيم فيه، وكنا نـتـعـقّــبُه ميدانياً، لكن حتى نستطيع بلوغه وتحقيق الهدف، كنا بحاجة إلى قوة عسكرية كبيرة، وتقنيات عسكرية متطورة، قوة عسكرية كالقوة الأمريكية، لكي ننجز العملية معاً. فلو أن الأمريكيين انسحبوا قبل ذلك لما كان ممكناً إنجاحها.

رووداو: سؤال آخر يتعلق بانسحاب القوات الأمريكية نتيجة قرار ترمب، هل تأخرت العملية أم أُجِّلَتْ؟ إلى أي درجة هذا السؤال صائب في أنه بسبب ذلك القرار، بدلاً من إلقاء القبض عليه تمّ قتلُه؟

مظلوم كوباني: لا. فقرار الانسحاب أدى إلى نشوب القتال بيننا وبين تركيا. وهذا أدى إلى تأخر العملية، لأن كثيرين من رفاقنا الذين كانوا يتابعون هذه العملية، جاؤوا وانشغلوا بالقتال ضد الهجوم التركي. وهذا أدى إلى تأخر العملية مدةً قليلة من الزمن. لكنْ هناك أماكن، كان يجب على الأمريكيين تفعيلُها حتى يستطيعوا القيام بالعملية، بمعنى أن القرارالأمريكي كان ذا تأثير على هذه العملية.

 رووداو: كيف استطعتم الكشف عن شخص كهذا، وداعش وبعض الجماعات الموجودة في تلك المنطقة أيضاً تحمل فكراً متطرفاً مثل داعش، فكيف لم تأتِ أي جماعة أخرى لنجدته؟

مظلوم كوباني: هذا موضوع استخباراتي، لا نستطيع التصريح بكل شيء، لكنه كان نصراً عظيماً بأن نتمكن من إيصال أشخاص منّا إلى مكان البغدادي، ونتـتـبّعَه. وأريد أن أضيف هذه المعلومةَ أيضاً، لم يكن هذا المكان فحسب، بل كنا على دراية بمكان آخر أقام فيه البغدادي. وعندما أتينا ببعض الأشياء الخاصة به، أي ثيابه، فإن ذلك لم يكن في المكان الأخير الذي وجد فيه، بل كان في مكان آخرَ، أي المكان السابق على مكانه الأخير في إدلب، ومن ذلك المكان السابق استطعنا أن نحصل على تلك الأشياء لنعرف تماماً أنه أبو بكر البغدادي نفسُه، وقد ذهب إلى إدلب. أما في إدلب فقد جلبنا دمَه. فالشخص الذي كان معنا ويعمل هناك استطاع أن يجلب لنا دمه فأعدنا التأكيد على أنه هو أبو بكر البغدادي نفسُه. وهذا موضوع استخباراتي وكان نصراً عظيماً، كما أن الاستخبارات الأمريكية والقوات الأمريكية في أعلى المستويات وجّهت شكرها لرفاقنا المشاركين في هذا العمل. لقد كان موضوعاً مهماً.  

رووداو: كيف استطعتم معرفة مكانه الأول ولم تقوموا بأي عملية؟

مظلوم كوباني: قبل أن يتحرك أبو بكر البغدادي من مكانه، لم يكن ثمة وقتٌ كافٍ لدينا. ما كنا قد أخبرنا الأمريكيين بمكانه الأول، لكنه كان أمراً لدى استخباراتنا وحدَها، وقواتُنا الأمنية الخاصة بــ (قسد) هي التي كانت تشرف على الموضوع، إلى أن تأكدنا من أنه هو نفسُه، كان قد انتقل من مكانه ذاك إلى إدلب، ثم تشاركنا نحن والأمريكيون في العملية.  

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب