رووداو ديجيتال
يكشف السياسي الكوردي والقيادي المعروف في الاتحاد الوطني الكوردستاني، عدنان المفتي، عن ان "مام جلال كان قد كلف عام 2008 لجنة من قياديي الاتحاد لادارة الحزب في حال غيابه".
وقال المفتي في الحلقة 23 من البرنامج الحواري "ملفات عدنان المفتي" الذي تبثه حصرياً رووداو عربية، وفي رده عن سؤالنا حول اسباب عدم تسمية الرئيس جلال طالباني سكرتير عام الاتحاد الوطني الكوردستاني خليفة له في حال حدوث اي طارئ، مع انه كان هناك نائبين له، كوسرت رسول وبرهم صالح؟، قال: "دعني اكشف لكم سراً، عندما تمرض مام جلال في 2008 كتب رسالة الى القيادة قال فيها ستجرى لي عملية جراحية، وقررت تشكيل لجنة برئاسة كوسرت رسول وعضوية برهم صالح وفؤاد معصوم وعدنان المفتي وملا بختيار وعمر فتاح وارسلان بايز ودلير سيد مجيد لادارة الاتحاد حتى انعقاد كونفرانس أو مؤتمر".
ويضيف: "هذه الرسالة موجودة وبخط يده، وباعتقادي لم يكن يفكر بانه سيمرض هكذا، والا كان بالتأكيد يجد الحل، لكن مرضه الأخير افقده القدرة على القيادة و اتخاذ القرار المناسب".
يوضح المفتي: "في تركيبة الاتحاد كان من الصعب تسمية خليفة له، وفي تصوري لو لم يخرج نوشيروان مصطفى عن الاتحاد ويشكل حركة گوران ربما كان تلقائيا هو من يحل مكان مام جلال"، مشيرا الى ان "تركيبة الاتحاد مختلفة، فالاتحاد تشكل من قيادات تيارات متعددة ومختلفة في توجهاتها الفكرية لهذا كان من الصعوبة ان يسمي شخصاً بذاته لخلافته، ثم انه إذا كان يتشكل عنده رأي عن فلان من الناس لكن بعد شهرين او ثلاثة يغير رأيه".
وعن صفته السياسية فيما اذا كان مستقلا ام مايزال في الاتحاد الوطني الكوردستاني، يؤكد المفتي: "لا. انا لست مستقلا. انا حاليا لست في قيادة الاتحاد لكنني مازلت في الحزب وهذه كانت رغبتي طبعا ولو كانت عندي رغبة بالعمل كانوا في الاتحاد يرحبون، لكن عندي رؤيتي الخاصة، وليس بالضرورة ان اتواصل او اتوافق مع جيل الشباب الذي يقود الاتحاد حاليا في كل شيء، لكنني اتمنى طبعا ان يسيروا بشكل يتناسب مع تاريخ الاتحاد وتضحياته وتطلعاته وانا ادعمهم في كل خطوة".
وفيما اذا هذا ما يحصل الان بأنهم يسيرون بما ينسجم مع تاريخ الاتحاد وتضحياته؟، قال: "هم بالتأكيد عندهم اخطاء مثلما نحن كان عندنا اخطاء، لكن بشكل عام عليهم ان يعرفوا ان هذا الاتحاد ملك للشهداء وعوائلهم وللشعب الكوردستاني، وان الاتحاد وصل الى هذا اليوم بسبب التضحيات الكبيرة وعليهم ان يدركوا ان مسؤوليتهم كبيرة وانا اتابع مع الاخرين واتمنى ان يسيروا باتجاه صحيح لبناء مستقبل واعد للشعب الكوردي كما كان يعمل المناضلون السابقون وكما كان يحلم عشرات الالاف من الشهداء".
وفي رده عن سؤال يتعلق بظهور اسماء وتسميات والقاب سياسية وتوصيفات في الاتحاد الوطني، ربما مع كل مؤتمر، تتناسب مع وضع القيادة، وعن ما هو لقبه او او منصبه اليوم؟ يوضح: "في المؤتمر الرابع للاتحاد اقر المؤتمر تشكيل مجلس يضم عدداً من أعضاء المكتب السياسي برئاسة كوسرت رسول كنت عضواً فيه، نحن الذين ساهمنا بتاسيس الاتحاد اطلقوا عليه (المجلس السياسي الأعلى للاتحاد الوطني الكوردستاني)، ومن البداية انا لم اقتنع به لانه لم يكن في الواقع لديه اية مسؤولية واضحة ولكن احتراما للرفاق وللتاريخ استمريت به كتجربة لا اعتقد انها تجربة ناجحة، لانه عمليا لم يكن هذا المجلس السياسي يشكل شيئا مهماً وربما فقط كمرحلة انتقالية، بسبب اسماء اعضاء هذا المجلس وتاريخهم النضالي الطويل ودورهم المهم في مسيرة الاتحاد والحركة الوطنية التحررية الكوردية. طبعا كان هناك احترام لنا ويسمعون كلامنا لكنهم لا ينفذوه".
نسأله عن شعوره باعتباره من جيل المؤسسين وضحيت كثيرا وتعرضت لثلاث محاولات اغتيال حقيقية واليوم قيادة الاتحاد لا تستمع لكم ولا تستفيد من خبراتكم، انا لا اقصدكم انت فقط بل حتى الاخرين من المناضلين الاوائل في الاتحاد؟، يقول: "قدر تعلق الامر بي انا لا اشعر بالاسف لاني اعتقد ان لكل انسان حدود معينة ولا يمكن ان يستمر حتى آخر يوم بحياته، لكن الشعور بالاسف او بالحزن عندما أرى الامور لا تسير بشكل صحيح من وجهة نظري".
ويضيف: "اسفي وحزني على هدر طاقات وعدم اتخاذ القرار المناسب، مع الاسف معظم القرارات السياسية هي ليست موضوعية بل هي ردود افعال وتراكمات الخلافات، هناك ثقافة سلبية تسود في المجتمع الكوردستاني وهي ثقافة الكراهية مع الاسف، وعدم قبول الآخر وكل واحد يعتقد ان رأيه هو الصائب ويجب على الاخرين ان يصغون اليه وهذا منتهى الخطأ وعدم الادراك في المجتمع وحتى في داخل الحزب ليس كل الاعضاء يفكرون بنفس الطريقة سابقا كانت النقاشات تدور باسلوب ديمقراطي. مام جلال كان رئيسا والناس كانوا يتصورن انه بمنتهى المركزية والقوة والسيطرة بل كان على العكس تماما كان يستمع لاراء الاخرين ويناقش وفي احيان كثيرة كانت القرارات تتخذ حسب راي الاغلبية ".
ولا ينفي السياسي الكوردي عدنان المفتي، الذي رافق وعمل طويلا مع الرئيس الراحل جلال طالباني عدم حدوث خلاف او احتدام معه، طالباني، مشيرا الى انه: "في الحياة احيانا نتصارع مع انفسنا فكيف مع الاخرين؟ بالتاكيد كانت هناك خلافات ووجهات نظر مختلفة، دعني اعترف انه في المسائل السياسية والنظرة المستقبلية كانت وجهات نظر مام جلال غالبا صائبة. مثلا في حرب الكويت قال حضروا حالكم ستحدث الحرب، قلنا ممكن صدام ينسحب ولن تكون هناك حرب، لكنه اصر على ان صدام لن ينسحب من الكويت وستكون هناك حرب ونحن يجب ان نعيد حساباتنا حسب هذا الاحتمال وظهر ان رايه صحيح وحدث ذلك حتى في حرب 2003. انا مرة زعلت مام جلال عام 1979 وندمت على ذلك، كان عندنا مناقشات ورديت عليه وهو زعل مني لم يكن هو مخطئا ولا انا لكن ما كان يجب ان استعجل بالرد وانتظر ان ياخذ النقاش مداه. لكن طوال الفترة التي عملت فيها مع مام جلال كان يشعرني بمحبته لي والاخرين كانوا يقولون بانه يحسب لك حساب مختلف عن الاخرين".
ويمضي المفتي بسرد حادثة اخرى عن خلافه مه زعيمه السابق جلال طالباني قائلا: "ذات مرة عندما كنا في حكومة السليمانية شكل مام جلال لجنة للاصلاحات برئاسة نوشيروان مصطفى، وعضوية رشدي وزير العدل في حكومة السليمانية وبايس طالباني رئيس ديوان الرقابة المالية وجلال سام آغا نائب وزير المالية، لصياغة قرارات تتعلق بالاصلاح المالي، وكان برهم صالح رئيسا للحكومة وانا نائبه ووزير المالية، بعد ان انجزت اللجنة عملها، كان عندنا اجتماع لرئاسة الوزراء وذهبت الى برهم لنحضر الاجتماع سوية فعرض علي (فرمان) قرارات اللجنة الموقع من قبل رئيس الاقليم (السليمانية) مام جلال والذي يقول (طيا قرارات لجنة الاصلاحات للعمل بموجبه). قرأت مقدمة القرار وقلت له من رايي ان لا نناقشه ونقره في مجلس الوزراء لان فيه اخطاء، وذهبنا الى الاجتماع فوجدت ان هذا الفرمان معمم على الجميع فقلت لبرهم: انا طلبت منك عدم تعميم الفرمان لان فيه اخطاء، وصار خلاف وانا انفعلت ورميت القرارات على الطاولة وقلت له انا لا انفذ هذه القرارات وخرجت".
سألته: انت دائما على خلاف مع برهم، وهذه ليست المرة الاولى؟، يجيب باختصار وكأنه لا يريد ان يفيض في توسعة الموضوع، قائلاً: "نعم مختلفين لان اسلوبنا مختلف، لكننا بقينا اصدقاء، هذا ليس محل نقاش الان".
يمضي في سرده عن فرمان لجنة الاصلاحات قائلا: "عدت الى الوزارة، بعد ساعة اتصل بي مام جلال، فعندما كان يتحدث معي بصورة جدية يقول (كاكا عدنان)، واذا بلهجة مجاملة او ودية يناديني (عدنان برا)، فقال لي (كاكا عدنان سمعت انت اليوم متمرد على قراراتي)، ثم ذهبت اليه، قلت له كيف اتمرد على قراراتك، ولاني كنت منفعلاً قلت له: مام جلال انت قرأت هذا الفرمان الذي يحمل توقيعك؟ اجاب (طبعا قرأته)، قلت: العفو اتصور انت ما قرأته والا ما كان وقعته. وواصلت بقولي: نحن بعد 31 آب 1996 خسرنا أربيل، في إشارة الى دخول الجيش العراقي لاربيل، وجئنا بالالاف من الكوادر الحزبية وغيرها الى السليمانية هل تقبل ان يشار الينا بـ (مشردي الاقتتال الداخلي؟ هل نحن مشردون؟ ام نحن مناضلون. في مقدمة الفرمان مكتوب هكذا) فقال (طيب نعالج هذا بالكوردي). قلت وهناك اخطاء أخرى ايضاً تمس معيشة المئات من البيشمركة و الكوادر. صحيح في البداية كان غير مرتاح لموقفي وقد يزعل لكنه يفكر بالامر فيما بعد ويعود ليستمع لك مجددا وهذا ما كان يحصل وبشكل عام هو لا يصر على قراراته الا فيما يتعلق بشخصه. وكان دائماً يشعرك بانه يحبك وانه مهتم بآرائك".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً