أيمن زيدان من السليمانية: الكورد شعب حيّ يستحق الفرح والسلام

22-03-2025
رووداو
الفنان السوري أيمن زيدان
الفنان السوري أيمن زيدان
الكلمات الدالة أيمن زيدان السليمانية سوريا
A+ A-

رووداو ديجيتال

حلّ الفنان السوري الكبير أيمن زيدان ضيفاً على مدينة السليمانية، إحدى أبرز مدن الثقافة والفن في إقليم كوردستان، ضمن حلقة خاصة من برنامج "كوردستان ماجيك"، حيث خاض جولة فنية وثقافية بدأت من قلب المدينة مروراً بأسواقها الشعبية، ووصولاً إلى متحف السليمانية والمسرح الروماني، وانتهت بلقاء الطبيعة، ضمن رحلة استثنائية تنقلت بين الفن والذاكرة والتاريخ.

في مستهلّ اللقاء، عبّر زيدان عن سعادته البالغة بوجوده في السليمانية، قائلاً إن حفاوة الاستقبال وشعور الألفة جعله لا يشعر بالغربة، بل كأنه ما زال في بلده وبين أهله. واستذكر زيارته السابقة للمدينة عام 2019، حين شارك بفيلمه "أمينة" في مهرجان السليمانية السينمائي، مشيداً بما وجده من تقدير ومحبة من الجمهور الكوردي، ومؤكداً أن العلاقة بين الشعبين الكوردي والسوري ليست طارئة، بل ضاربة في الجذور ومبنية على المحبة والاحترام والتعايش الطويل.

الكورد شعب حيّ.. وفلكلورهم يعكس علاقتهم بالأرض

وخلال تجواله في شوارع المدينة، أثنى زيدان على طبيعتها الساحرة وتنوعها الثقافي والمعماري، قائلاً إن هناك مدناً تعشقها من النظرة الأولى، وهذا ما حدث له مع السليمانية. مضيفاً أن الشعب الكوردي شعب حيّ، ينبض بالحياة، متمسك بهويته الثقافية، ويمتلك علاقة عضوية بالأرض، تظهر في فلكلوره وزيّه وموسيقاه وحتى ملامحه.

وفي المتحف الوطني في السليمانية، الذي تأسس عام 1961، اطّلع زيدان على تاريخ المدينة وإرثها الحضاري، مشيداً بأهمية المتاحف في حفظ الذاكرة الجماعية، ومؤكداً أن على الأجيال أن تعرف ماضيها لتصنع مستقبلاً أفضل، وقال إن علاقة الشعوب بالتاريخ يجب ألا تقتصر على التغنّي بالماضي، بل يجب أن تتحول إلى فهم عميق يُبنى عليه الحاضر.

خلال الحوار، تحدّث زيدان بتأثر عن تجربته خلال الحرب السورية، واصفاً تلك المرحلة بأنها كانت مليئة بالمرارة والخيبة، لكنها دفعت به إلى الكتابة والإخراج والإنتاج، في محاولة لتوثيق الألم وتحويله إلى منجز فني، يبقى للأجيال القادمة شاهداً على ما مرّ به السوريون. قائلاً: "كنا ندافع عن ما تبقى من الوطن، عن الإنسان السوري، عن مكوناته وثقافته وقيمه. كنا نحاول أن نقول إن الغد أجمل".

توقف زيدان أيضاً عند مفهوم الابتسامة في زمن الحروب، قائلاً إنها باتت أمراً صعباً لكنه ليس مستحيلاً، مشيراً إلى أن مهمة الفنان هي زرع الفرح رغم الألم، وأن الكوميديا الحقيقية ليست فقط للضحك، بل لحمل رسائل ومعانٍ عميقة تعبّر عن الناس وهمومهم. واستذكر كيف اضطر لتصوير أحد أعماله في وقت كان ابنه في حالة صحية حرجة، مؤكداً أن الفنان أحياناً ينسى ألمه ليرسم البسمة على وجوه الآخرين.

المسرح.. عشق أبدي ومقياس لحضارة الشعوب

في المسرح الروماني، تحدث زيدان عن عشقه الأبدي للمسرح، واصفاً علاقته به بـ"التوأمية"، ومعتبراً أن المسرح هو فن الشعوب، ومنبع معرفي مهم للفنان والمجتمع على حد سواء. ولفت إلى أن المسرح لم يكن مجرد مرحلة في حياته، بل خيار ثابت، اشتغل فيه كممثل ومخرج وملقن، منذ بداياته في الفرق الشبابية والعمالية والجامعية وصولاً إلى المسرح القومي.

الزيّ الكوردي.. ألوان من الجبال وروح من الأرض

وفي جزء خاص من اللقاء، أبدى زيدان إعجابه بالزيّ الكوردي التقليدي وتنوع ألوانه المأخوذة من طبيعة الجبال وأزهارها، مؤكداً أن هذه الرمزية الجمالية تعكس روح الشعب الكوردي وعلاقته الوثيقة بالأرض والفرح والحياة.

وعند الحديث عن البيئة والتغير المناخي، شدد زيدان على أهمية الحفاظ على الطبيعة في ظل ما يواجهه العالم من تصحر وتلوث، مشيراً إلى أن إقليم كوردستان يقدم نموذجاً مميزاً في دمج الجمال الطبيعي بالخدمات السياحية، داعياً إلى تطوير هذا القطاع بما يليق بجمال البلاد.

وفي ختام الجولة، عبّر الفنان السوري عن امتنانه للتجربة التي خاضها في السليمانية، مؤكداً أن المدينة تستحق الاحتفال، وأن شعبها يستحق كل الفرح والسلام. وقال: "كانت رحلة مع الأحبة. وأمنياتي لهذه المدينة الجميلة أن تبقى منارة للثقافة والفن والأمان".

رحلة أيمن زيدان في السليمانية لم تكن مجرد زيارة فنية، بل كانت لقاءً إنسانياً عميقاً بين فنان كبير وشعب يقدّر الفن، وبين ثقافتين تتقاطعان في الوجدان والتاريخ والمستقبل.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب