إعتاد البارعون في فضاء التشويش في العراق منذ عقود عديدة على تزييف الحقائق وتغيير الوقائع لصالح أجندات ومصالح حزبية وسياسية تارة، أو قومية وطائفية ومذهبية تارة أخرى، أو خدمة لأجندات إقليمية ودولية على حساب منع رؤية الصور الواضحة.
مع إطلاق صافرة إنطلاق الحملة الدعائية لإنتخابات مجالس المحافظات المقبلة في العراق في 18 من الشهر الجاري، إتجهت الأنظار إلى البارتي الذي أعلن رسمياً نيّته خوض المنافسة في عدد من المحافظات، من بينها كركوك (قلب كوردستان) المختلطة قومياً ودينياً والمختلفة سياسياً.
رغم عدم التأكد من إجراء إنتخابات مجالس المحافظات في العراق في موعدها المحدد، ورغم إستبعاد تحقيق الإنتخابات المقبلة للنتائج المرجوة منها في ظل العلاقات المتوترة بين العراقيين وغياب الثقة المتزايد في نوايا بعض الأحزاب السياسية ونزاعاتها المثيرة للتوتر والجدل والانقسام، يمارس السياسيون الذين يرون صناديق الاقتراع هدفاً للاستحواذ على السلطة وتأميناً للنفوذ والمصالح وذريعة للبقاء في تصدر المشهد السياسي، وإن كان على حساب الوطن وتوسيع الفجوات بين مكونات النسيج الاجتماعي، حقوقهم المكفولة وفق القانون.
خلال انتخابات برلمان كوردستان في أيلول 2018 فاز الحزب الديمقراطي الكوردستاني ( البارتي) بالأكثرية، وكان ذلك أمراً متوقعاً بالنسبة للكوردستانيين، وكذلك للآخرين الذين يراقبون وضع الإقليم، فمسيرته الطويلة وإنجازاته التي إرتكزت على الأولويات المهمة، وإنتهاجه مساراً حكيماً في التعامل مع مختلف الأطياف من قوميات وإثنيات تعيش على أرض كوردستان، منحوه الأحقية في قيادة الإقليم ورسم سياسته ورعاية مصالحه، ودفعت الناخب الكوردستاني لأختياره والتصويت له.
في ظل نفاق سياسي هائل، يحلو للبعض التسويغ لنظريات المؤامرة وذرف دموع التماسيح وإستحضار التوتر وإثارة الجدل في وسائل الإعلام من خلال الربط بين إستفتاء كوردستان في إيلول 2017، الذي دخل التأريخ المعاصر لشعب كوردستان كأحد اهم الاحداث الوطنية الخالدة، وبين هجمات إكتوبر من العام ذاته، وبين التغاضي الأميركي عن الحرب المفتعلة ضد الكورد وعدم القبول برسالة ريكس تلرسون وزير خارجية اميركا التي دعت الى إرجاء الإستفتاء، ويصفونها جزافاً، بالمبادرة الأميركية .
بعدما تسلم محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة في العراق، أطلق الكثير من الوعود للجميع، وتعهد بإنجازها خلال مدة أقصاها عام واحد، كما تحدث الكثير من المسؤولين السياسيين والحكوميين والنواب الإطاريين عن الإرادة والعزم وتجاوز السلبيات وفتح صفحات جديدة لتمتين العلاقات والوصول الى تفاهمات حول مختلف القضايا بين أربيل وبغداد وبين العراقيين عموماً.